بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرَۢا} (11)

قوله تعالى : { سَيَقُولُ لَكَ المخلفون مِنَ الأعراب } وهم أسلم ، وأشجع ، وغفار ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى مكة عام الحديبية ، فاستتبعهم ، وكانت منازلهم بين مكة والمدينة . فقالوا فيما بينهم : نذهب معه إلى قوم جاؤوه فقتلوا أصحابه ، فقاتلهم ، فاعتلوا عليه بالشغل ، حتى رجع ، فأخبر الله تعالى رسوله قبل ذلك ، أنه إذا رجع إليهم استقبلوه بالعذر ، وهم كاذبون . فقال : { سَيَقُولُ لَكَ المخلفون مِنَ الأعراب } يعني : الذين تخلفوا عن بيعة الحديبية { شَغَلَتْنَا أموالنا وَأَهْلُونَا } يعني : خفنا عليهم الضيعة ، ولولا ذلك لخرجنا معك . { فاستغفر لَنَا } في التخلف . { يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ في قُلُوبِهِمْ } يعني : من طلب الاستغفار وهم لا يبالون ، استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم .

{ قُلْ } يا محمد { فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مّنَ الله شَيْئاً } يعني : من يقدر أن يمنع عنكم من عذاب الله شيئاً { إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً } يعني : قتلاً ، أو هزيمة ، { أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً } يعني : النصرة . قرأ حمزة والكسائي { ضَرّا } بضم الضاد ، وهو سوء الحال والمرض ، وما أشبه ذلك . والباقون : بالنصب .

وهو ضد النفع . اللفظ لفظ الاستفهام ، والمراد به التقرير . يعني : لا يقدر أحد على دفع الضر ، ومنع النفع غير الله .

ثم استأنف الكلام فقال : { بَلْ كَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } يعني : عالماً بتخلفكم ، ومرادكم .