تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأحقاف مكية وآياتها خمس وثلاثون ، نزلت بعد سورة الجاثية . وتعالج سورة الأحقاف قضية العقيدة كسائر السور المكية ، وقد جاء الحديث فيها مفصّلا عن قضية الإيمان بوحدانية الله وربوبيّته المطلقة ، والإيمان بالوحي والرسالة ، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول سبقته الرسل ، أوحي إليه القرآن مصدِّقا لما سبقه من الكتب المنزلة ، والإيمان بالبعث وما وراءه من حساب وجزاء .

وسميت " سورة الأحقاف " لقوله تعالى : { واذكر أخا عاد إذ أنذرَ قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه . . . } الآية .

وأخو عاد هو النبي هود عليه السلام ، بعثه الله إلى قوم عاد وكانوا من أقوى الأمم أجسادا ، وأغناهم مالا ، وأكثرهم أولادا . وكانت منازلهم في الأحقاف ( ومعناها الرمال واحدها حِقف ) بين عمان وحضرموت . وكانت لهم حضارة وعناية بالعمران ، لا تزال أنقاض بعض أبنيتهم في حضرموت في " وادي عدم " وشرقيه " وادي سونة " . وقد بادت وأصبح اسمها رمزا للقِدم ، ويقال الآن " العاديّات " لكل شيء قديم .

بدأت السورة بالحروف المقطعة ، ثم تحدّثت عن أن هذا القرآن من عند الله . . وبعد ذلك أشارت إلى كتاب هذا الكون العجيب وما فيه من آيات ، وأن قيامه على الحق ، وإن ظلّ الذين كفروا معرضين عن قبوله . وبعد ذلك تأخذ السورة في عرض قضية التوحيد ، وإقامة الأدلة عليه ، والرد على عَبدة الأصنام ، وأن وضعهم لا يقوم على أساس من الواقع ، ولا مأثور من العلم . ثم تذكر المعارضات التي ابتدعها المشركون للنبوة ، والإجابة عنها وبيان فسادها ، وتعقّب حال أهل الاستقامة الذين صدّقوا الأنبياء ، وأن جزاءهم الجنة والنعيم المقيم .

وهي إذ تذكر وصايا للناس من إكرام الوالدين وعمل ما يرضي الله ، وبعض الدعوات الصالحات { أولئك الذين نتقبّل منهم أحسن ما عملوا . . . }-لا تُغفل المقابل من المنكرين العاقّين لوالديهم { من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين }

وما ينتظرهم من مآل سيّء .

وبعد ذلك يجيء ذكر قصص عاد وما عاثوا من الفساد . لقد طغوا فكان مصيرهم الهلاك { وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون } .

وفي السورة شيء جديد هو قوله تعالى : { وإذ صرفنا نفرا من الجن يستمعون القرآن } وبعد سماعهم وإنصاتهم له ذهبوا إلى قومهم وأنذروهم وطلبوا منهم أن يُجيبوا داعيَ الله .

وتُختم السورة بتوجيه الرسول الكريم صلوات الله وسلامه إلى الصبر وعدم الاستعجال بالعذاب لمن أنكروا رسالته { فاصبرْ كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم } فإن ما ينتظرهم قريب .

افتتحت سورة الأحقاف بحرفين من حروف الهجاء مثل كثير من السور غيرها وقد تقدم الكلام على ذلك ،

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأحقاف{[1]}

مقصودها إنذار الكافرين بالدلالة على صدق الوعد في قيام الساعة اللازم للعزة والحكمة الكاشف لهما أتم كشف بما وقع الصدق في الوعد به من إهلاك المكذبين بما يضاد حال{[2]} بلادهم{[3]} وأنه لا يمنع من شيء من ذلك مانع لأن فاعل ذلك لا شريك له فهو المستحق للإفراد بالعبادة ، وعلى ذلك دلت تسميتها بالأحقاف الدالة على هدوء الريح وسكون الجو{[4]} بما دلت عليه قصة[ قوم-{[5]} ] هود عليه الصلاة والسلام من التوحيد وإنذارهم بالعذاب دنيا وأخرى ومن إهلاكهم وعدم إغناء ما عبدوه{[6]} عنهم ولا يصح تسميتها بهود ولا تسمية هود بالأحقاف لما ذكر من المقصود بكل منهما{[7]} { بسم الله } الذي لا يذل من والى ولا يعز من عادى { الرحمن } الذي سبقت رحمته غضبه بزواجر الإنذار{ الرحيم } الذي خص حزبه بعمل الأبرار للفوز في دار القرار بدخول الجنة والنجاة من النار .

{ حم * } حكمة محمد صلى الله عليه وسلم التي هي النهاية{[58445]} في الصواب والسداد أحكمها الذي أحاطت قدرته فهو لا يخلف الميعاد .


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[4]:- ضبطه الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله في تعليقه على الأنساب ج2 ص280 وقال: البقاعي يكسر الموحدة وفتح القاف مخففة وبعد الألف عين مهملة بلد معروف بالشام ينسب إليه جماعة أشهرهم الإمام المفسر إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي أبو الحسن برهان الدين من أجلة أهل القرن التاسع له عدة مؤلفات ولد سنة 809 وتوفي سنة 885 – اهـ.
[5]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[6]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[7]:- في م ومد وظ: برسالته.
[58445]:من م ومد، وفي الأصل و ظ:نهاية.