التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأحقاف

في السورة حكاية لمواقف وأقوال الكفار وصور من الجدل والمناظرة بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم ، وردود تنديدية وحجج مفحمة في سياقها ، وإنذار للكافرين ، وتطمين للمؤمنين بمصائر كل منهم يوم القيامة ، واستشهاد على صحة الدعوة المحمدية وصدق القرآن بالتوراة وموسى وإسلام بعض بني إسرائيل ، وتنويه بالأبناء الصالحين وتنديد بالعاقّين ، وتذكير بما كان من أمر عاد ورسولهم وهلاكهم ، وحكاية لاستماع جماعة من الجن للقرآن وتأثرهم به وتدليل على قدرة الله على بعث الموتى .

وقد روى المصحف الذي اعتمدناه أن الآيات [ 10 و 15 و 35 ] مدنيات ، وانسجامها في السياق والموضوع وما يبدو عليها من طابع العهد المكي بقوة يسوّغ التوقف في الرواية .

وفصول السورة مترابطة مما فيه الدليل على نزولها دفعة واحدة أو متتابعة .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ حم 1 تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم 2 ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا معرضون 3 } [ 1-3 ] .

ابتدأت السورة بحرفي الحاء والميم للاسترعاء والتنبيه على ما قلناه في أمثالهما . وأعقبهما تقرير توكيدي بأن القرآن تنزيل من الله المتصف بالعزة والحكمة جريا على النظم الذي كان في السور السابقة .

ثم أكدت الآية الثالثة بأن الله لم يخلق السماء والأرض وما بينهما عبثا ، وإنما بحق وحكمة ولأجل معين في علمه ، وعنفت الكافرين الذين يكابرون ويعرضون عما أنذروا به ودعوا إليه .

ويبدو من فحوى الآيات التالية أن هذه الآيات مقدمة لما احتوته تلك من حكاية مواقف الكفار وأقوالهم ومجادلتهم .

{ قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم ( 1 ) إن كنتم صادقين 4 ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون 5 وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين 6 } [ 4-6 ]