صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{إِۦلَٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيۡفِ} (2)

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِۦلَٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيۡفِ} (2)

{ رحلة الشتاء والصيف } : رحلة التجارة التي كانوا يقومون بها إلى اليمن والشام .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِۦلَٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيۡفِ} (2)

{ لإيلاف قريش } قيل : هذه اللام تتصل بما قبلها على معنى أهلك الله أصحاب الفيل لتبقى قريش وتألف رحلتيها . وقيل : معنى اللام التأخير على معنى { فليعبدوا رب هذا البيت } { لإيلاف قريش } أي ليجعلوا عبادتهم شكرا لهذه النعم ، واعترافا بها . يقال : ألف الشيء وآلفه بمعنى واحد ، والمعنى لإلف قريش رحلتيها ، وذلك أنه كانت لهم رحلتان : رحلة في الشتاء إلى اليمن ، ورحلة في الصيف إلى الشام ، وبهما كانت تقوم معايشهم وتجاراتهم ، وكان لا يتعرض لهم في تجارتهم أحد . يقول : هم سكان حرم الله ، وولاة بيته ، فمن الله عليهم بذلك .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِۦلَٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيۡفِ} (2)

{ لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف } قريش هم حي من عرب الحجاز الذين هم من ذرية معد بن عدنان ، إلا أنه لا يقال قريشي إلا لمن كان من ذرية النضر بن كنانة ، وهم ينقسمون إلى أفخاذ وبيوت ، نحو بني هاشم وبني أمية وبني مخزوم وغيرهم . وإنما سميت القبيلة قريشا لتقرشهم ، والتقرش التكسب ، وكانوا تجارا . وعن معاوية أنه سأل ابن عباس : لم سميت قريش قريشا ؟ قال : لدابة في البحر تأكل ولا تؤكل ، وتعلو ولا تعلى ، وكانوا ساكنين بمكة ، وكان لهم رحلتان في كل عام للتجارة : رحلة في الشتاء إلى اليمن ، ورحلة في الصيف إلى الشام . وقيل : كانت الرحلتان جميعا إلى الشام ، وقيل : كانوا يرحلون في الصيف إلى الطائف حيث الماء والظل ، فيقيمون بها ، ويرحلون في الشتاء إلى مكة لسكناهم بها ، والإيلاف مصدر من قولك : آلفت المكان إذا ألفته ، وقيل : هو منقول منه بالهمزة ، يقال : ألف الرجل الشيء وألفه إياه غيره ، فالمعنى على القول الأول أن قريشا ألفوا رحلة الشتاء والصيف ، وعلى الثاني أن الله ألفهم الرحلتين ، واختلف في تعلق قوله : { لإيلاف قريش } على ثلاثة أقوال :

أحدها : أنه يتعلق بقوله : { فليعبدوا } الله من أجل إيلافهم الرحلتين ، فإن ذلك نعمة من الله عليهم . الثاني : أنه يتعلق بمحذوف تقديره اعجبوا لإيلاف قريش .

الثالث : أنه يتعلق بسورة الفيل ، والمعنى أن الله أهلك أصحاب الفيل لإيلاف قريش ، فهو يتعلق بقوله : { فجعلهم } أو بما قبله من الأفعال ، ويؤيد هذا أن السورتين في مصحف أبي بن كعب سورة واحدة لا فصل بينهما ، وقد قرأهما عمر في ركعة واحدة من المغرب ، وذكر الله الإيلاف أولا مطلقا ، ثم أبدل منه الإيلاف المقيد بالرحلتين تعظيما للأمر ، ونصب رحلة ؛ لأنه مفعول بإيلافهم ، وقال : رحلة ، وأراد رحلتين ، فهو كقول الشاعر :

كلوا في بعض بطنكم تعفوا *** . . .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِۦلَٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيۡفِ} (2)

ولما علل بالإيلاف وكان لازماً ومتعدياً ، تقول : آلفت المكان أولفه إيلافاً ، فأنا مؤلف ، وآلفت فلاناً هذا الشيء أي جعلته آلفاً له ، وكان الإتيان بالشيء محتملاً لشيئين ، ثم إبدال أحدهما منه أضخم لشأنه وأعلى لأمره ، أبدل منه قوله : { إلافهم } أي إيلافنا إياهم { رحلة الشتاء * } التي يرحلونها في زمنه إلى اليمن ؛ لأنها بلاد حارة ينالون بها متاجر الجنوب { والصيف * } التي يرحلونها إلى الشام في زمنه ؛ لأنها بلاد باردة ينالون فيها منافع الشمال ، وهم آمنون من سائر العرب لأجل عزهم بالحرم المكرم المعظم ببيت الله ، والناس يتخطفون من حولهم ، ففعل الله تعالى بأصحاب الفيل ما فعل ليزداد العرب لهم هيبة وتعظيماً ، فتزيد في إكرامهم لما رأت من إكرام الله تعالى لهم ، فيكون لهم غاية التمكن في رحلتهم ، والرحلة بالكسر هيئة الرحيل ، وقرىء بالضم ، وهي الجهة التي يرحل إليها ، وكانوا معذورين لذلك ؛ لأن بلدهم لا زرع به ولا ضرع ، فكانوا إذا ضربوا في الأرض قالوا : نحن سكان حرم الله وولاة بيته ، فلا يعرض أحد بسوء ، فلولا الرحلتان لم يكن لهم مقام بمكة ، ولولا الأمن بجوار البيت لم يقدروا على التصرف ، وأول من سن لهم الرحلة هاشم بن عبد مناف ، وكان يقسم ربحهم بين الغني والفقير حتى كان فقيرهم كغنيهم ، وفي ذلك يقول الشاعر :

قل للذي طلب السماحة والندى *** هلا مررت بآل عبد مناف

الرائشين وليس يوجد رائش *** والقائلين هلم للإضياف

والخالطين فقيرهم بغنيهم *** حتى يكون فقيرهم كالكاف

القائلين بكل وعد صادق *** والراحلين برحلة الإيلاف

عمرو العلا هشم الثريد لقومه *** ورجال مكة مسنتون عجاف

سفرين سنّهما له ولقومه *** سفر الشتاء ورحلة الأصياف

وتبع هاشماً على ذلك إخوته ، فكان هاشم يؤلف إلى الشام ، وعبد شمس إلى الحبشة ، والمطلب إلى اليمن ، ونوفل إلى فارس ، وكان تجار قريش يختلفون إلى هذه الأمصار بحبال هذه الإخوة - أي عهودهم - التي أخذوها بالأمان لهم من ملك كل ناحية من هذه النواحي ، وأفرد الرحلة في موضع التثنية لتشمل كل رحلة ، كما هو شأن المصادر وأسماء الأجناس ، إشارة لهم بالبشارة بأنهم يتمكنون عن قريب من الرحلة إلى أي بلد أرادوا ، لشمول الأمن لهم وبهم جميع الأرض بما نشره الله سبحانه وتعالى من الخير في قلوب عباده في سائر الأرض بواسطة هذا النبي الكريم الذي هو أشرفهم وأعظمهم وأجلهم وأكرمهم .