فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِۦلَٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيۡفِ} (2)

وقوله { إيلافهم } تأكيد لفظي ، ولذلك اتصل بضمير ما أضيف إليه الأول ، وقيل : هو بدل ؛ لأنه أطلق المبدل منه وقيد البدل بالمفعول ، وهو قوله { رحلة الشتاء والصيف } لما فيه من الإبهام في المبدل منه ، ثم التبيين في البدل ، وإنما أفرد الرحلة ولم يقل رحلتي الشتاء لأمن الإلباس ، وقيل : إن رحلة منصوبة بمصدر مقدر ، أي ارتحالهم رحلة الشتاء ، وقيل : منصوبة على الظرفية ، والرحلة الارتحال ، وكانت إحدى الرحلتين إلى اليمن في الشتاء ؛ لأنها بلاد حارة ، والرحلة الأخرى إلى الشام في الصيف ؛ لأنها بلاد باردة ، وروي أنهم كانوا يشتون بمكة ويصيفون في الطائف ، والأول أولى ، فإن ارتحال قريش للتجارة معلوم معروف في الجاهلية والإسلام .

قال ابن قتيبة : إنما كانت تعيش قريش بالتجارة ، وكانت لهم رحلتان كل سنة : رحلة في الشتاء إلى اليمن ، ورحلة في الصيف إلى الشام ، ولولا هاتان الرحلتان لم يمكن بها مقام ، ولولا الأمن بجوار البيت لم يقدروا على التصرف .

قال ابن عباس : في الآية نعمتي على قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ، كانوا يشتون بمكة ويصيفون بالطائف ، وعنه قال : إيلافهم لزومهم ، وقيل : رحلة اسم جنس ، وكانت لهم أربع رحلات ، وجعله بعضهم غلطا ، وليس كذلك ، وأول من سن لهم الرحلة هاشم بن عبد مناف .