بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِۦلَٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيۡفِ} (2)

قوله تعالى : { لإيلاف قُرَيْشٍ إيلافهم } قرأ ابن عامر لإلاف قريش ، بغير ياء بعد الهمزة ، والباقون بياء قبلها همزة ، ومعناهما واحد ، وهذا موصول بما قبله . يعني : أن الله تعالى أهلك أصحاب الفيل لإيلاف قريش ، يعني : لتقر قريش بالحرم ، ويجاورون البيت . حيث قال :{ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ } { لإيلاف قريش } يعني : فعل ذلك ، ليؤلف قريشاً بهاتين الرحلتين اللتين بهما عيشهم ومقامهم بمكة . وقال أهل اللغة : ألفت موضع كذا ، أي : لزمته وألفنيه الله . كما يقال : لزمته موضع كذا ، ألزمنيه الله . وكرر لإيلاف على معنى التأكيد ، كما يقال : أعطيتك المال لصيانة وجهك ، وصيانتك عن جميع الناس .

وقال مجاهد : لإلاف قريش ، يعني : لنعمتي على قريش ، وقال سعيد بن جبير ، أذكر نعمتي على قريش ، ويقال : معناه لا يشق عليهم التوحيد ، كما لا يشق عليهم . { رِحْلَةَ الشتاء والصيف } قال مقاتل : وذلك أن قريشاً كانوا تجاراً ، وكانوا يمتارون في الشتاء من الأردن وفلسطين ؛ لأن ساحل البحر كان أدناها ، فإذا كان الصيف تركوا طريق الشام ، وأخذوا طريق اليمن ، فشق ذلك عليهم ، فقذف الله تعالى في قلوب الحبشة ، حتى حملوا الطعام في السفن إلى مكة للبيع ، وجعل أهل مكة يخرجون إليهم على مسيرة ليلة ، ويشترون ، فكفاهم الله تعالى مؤونة الشتاء والصيف .