قوله : { إِيلاَفِهِمْ } مؤكد للأول تأكيداً لفظيًّا ، وأعربه أبو البقاء{[60898]} : بدلاً .
قوله : «رحلة » مفعول به بالمصدر ، والمصدر مضاف لفاعله ، أي : لأن ألفوا رحلة ، والأصل : رحلتي الشتاء والصيف ، ولكنه أفرد لأمن اللبس ؛ كقوله : [ الوافر ]
5320- كُلُوا في بَعْضِ بَطْنِكمُ تَعِفُّوا*** . . . {[60899]}
قاله الزمخشريُّ{[60900]} . وفيه نظر ؛ لأن سيبويه يجعل هذا ضرورة ، كقوله : [ الطويل ]
5321- حَمَامَةَ بَطْنِ الوادِيَيْنِ تَرَنَّمِي*** . . . {[60901]}
قال الليث : الرحلة اسم لارتحال القوم للمسير ، وقيل : رحلة اسم جنس ، وكانت له أربع رحل ، وجعله بعضهم غلطاً ، وليس كذلك .
قال القرطبي{[60902]} : «رِحْلة » نصب بالمصدر ، أي : ارتحالهم رحلة ، أو بوقوع «إيْلافِهم » عليه ، أو على الظرف ، ولو جعلتها في محل الرفع على معنى هما رحلتا الشتاء ، والصيف ، لجاز .
وقرأ العامة : بكسر الراء ، وهي مصدر .
وأبو السمال{[60903]} : بضمها ، وهي الجهة التي يرتحل إليها ، والشتاء : واد ، شذُّوا في النسب إليه ، فقالوا : شتوي ، والقياس : شِتَائي ، وشِتَاوي ك «كسائي ، وكِسَاويّ » .
قال مجاهد في قوله تعالى : { إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشتآء والصيف } : لا يشق عليهم رحلة شتاء ولا صيف منة منه على قريش{[60904]} .
وقال الهروي وغيره : كان أصحاب الإيلاف أربعة إخوة : هاشم ، وعبد شمس ، والمطلب ، ونوفل بنو عبد مناف ، فأما هاشم فإنه كان يؤلف ملك «الشام » ، أي : أخذ منه حبلاً وعهداً يأمن به في تجارته إلى «الشام » ، وأخوه عبد شمس كان يؤلف إلى «الحبشة » ، والمطلب إلى «اليمن » ، ونوفل إلى «فارس » ، ومعنى يؤلف : يجير ، فكان هؤلاء الإخوة يسمون المجيرين ، فكان تُجَّارُ قريش يختلفون إلى الأمصار ، بحبل هؤلاء الإخوة ، فلا يتعرض لهم .
قال الأزهري : الإيلاف : شبه الإجارة بالخفارة ، يقال : آلف يؤلف : إذا أجار الحمائل بالخفارة ، والحمائل : جمع حمولة .
قال : والتأويل : أن قريشاً كانوا سكان الحرم ، ولم يكن لهم زرع ولا ضرع ، وكانوا يميرون في الشتاء ، والصيف آمنين ، والناس يتخطَّفُون من حولهم ، فكانوا إذا عرض لهم عارض قالوا : نحن أهل حرم الله ، فلا يتعرض الناس لهم ، وكانت إحدى الرحلتين إلى اليمن في الشتاء ؛ لأنها بلاد حامية ، والرحلة الأخرى في الصيف إلى «الشام » ؛ لأنها بلاد باردة .
وعن ابن عباس ، قال : يشتون ب «مكة » لدفئها ، ويصيفون ب «الطائف » لهوائها ، وهذه من أجل النعم ، أن يكون للقوم ناحية حر تدفع عنهم برد الشتاء ، وناحية برد تدفع عنهم حر الصيف ، فذكرهم الله تعالى هذه النعمة{[60905]} . .
قال مالك : الشتاء نصف السُّنة ، والصيف نصفها .
وقال قوم آخرون : الزمان أربعة أقسام : شتاء ، وربيع ، وصيف ، وخريف .
وقيل : شتاء ، وصيف ، وقيظ ، وخريف .
قال القرطبيُّ{[60906]} : والذي قال مالك أصح ؛ لأن اللهَّ قسم الزمان قسمين ، ولم يجعل لهما ثالثاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.