الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِۦلَٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيۡفِ} (2)

وقوله : { إيلافهم } ، [ بدل ] ( {[77723]} ) من الأول( {[77724]} ) .

وقرأ يزيد بن القعقاع( {[77725]} )/ " إلفهم " جعله مصدر " ألفه إلفا " ( {[77726]} ) . وكذلك ذكرت أسماء بنت يزيد( {[77727]} ) أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ( {[77728]} ) .

وعن أبي أنه قرأ : [ إلافهم ]( {[77729]} ) ، وهما مصدران للثلاثي على فِعل وفِعال ، ومثله علم علما ، ولقيه لقاء ، وصمت صياما ، وكتبت كتاباً .

وأجاز( {[77730]} ) الفراء " إيلافهم " بالنصب على المصدر( {[77731]} ) .

وروي عن أبي بكر عن عاصم أنه قرأ " لإئلف " بهمزتين مكسورة وساكنة ، " إئْلفهم " كذلك [ أيضا ] ( {[77732]} ) ، أتى بهما( {[77733]} ) على الأصل ، وهو بعيد لا يجوز عند كثير من النحوين ، وهي لغة شاذة( {[77734]} ) ، وهما مصدران لآلف يؤلف .

وقد قرأ [ ابن عامر ] ( {[77735]} ) " لإلف " ، جعله مصدر ألف إلافا ، مثل( {[77736]} ) : كتب كتاب ، وصام صياما( {[77737]} ) .

وقوله : { رحلة الشتاء والصيف } منصوب " بإيلاف " ( {[77738]} ) .

وأجاز الفراء الخفض في رحلة على البدل من { إيلافهم } ( {[77739]} ) .

[ وتقديره ] ( {[77740]} ) : إيلافهم إيلاف رحلة .

قال( {[77741]} ) مجاهد في معنى { إيلافهم رحلة الشتاء والصيف } [ معناه ] ( {[77742]} ) : إيلافهم ذلك ، فلا تشق( {[77743]} ) عليهم رحلة شتاء ولا صيف " ( {[77744]} ) .

وقال ابن عباس { لإيلاف( {[77745]} ) قريش } ، أي : " نعمتي( {[77746]} ) على قريش " ٍ وقيل : معناه أن الله عجب نبيه من ذلك ، فالمعنى : اعجَب –يا محمد- لنعم الله على قريش في إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ، ثم يتشاغلون بذلم عن الإيمان بالله واتباعك( {[77747]} ) .

ودل على هذا المعنى قوله : { فليعبدوا رب هذا البيت } .

قال ابن زيد : معناه : صنعت بأصحاب الفيل ما صنعت لإلفة قرية ، أي : لئلا أفرقها( {[77748]} ) ، وهذا ( هو ) ( {[77749]} ) قول الأخفش المتقدم . وقال( {[77750]} ) ابن عباس : { إيلافهم رحلة الشتاء والصيف } ، أي : " لزومهم " ( {[77751]} ) . وعنه أيضا ( أنه قال ) ( {[77752]} ) : [ نهاهم ] ( {[77753]} ) الله عن الرحلة وأمرهم أن يعبدوا رب هذا البيت وكفاهم المؤنة ، وكانت( {[77754]} ) رحلتهم في الشتاء والصيف . فلم تكن لهم رحلة ( في )( {[77755]} ) شتاء ولا صيف ، فأطعمهم( {[77756]} ) الله جل وعز [ بعد ذلك ]( {[77757]} ) من جوع وآمنهم من خوف ، [ فألفوا ]( {[77758]} ) الرحلة ، فكانوا إذا شاؤوا [ ارتحلوا ]( {[77759]} ) وإذا شاؤوا أقاموا .

فكان ذلك من نعمة الله عليهم( {[77760]} ) .

قال عكرمة : كانت قريش قد ألفوا بصرى واليمن ، يختلفون إلى هذا في الشتاء ، وإلى هذه في( {[77761]} ) الصيف ، قال : فقوله : { فليعبدوا }( {[77762]} ) رب هذا البيت ، أمرهم أن يقيموا [ بمكة ] ( {[77763]} ) .

قال الضحاك : كانوا ألفوا( {[77764]} ) الارتحال في الغيظ( {[77765]} ) والشتاء : إلى الشام في الغيظ( {[77766]} ) ، وإلى اليمن في الشتاء . وهذا قول ابن زيد أيضا( {[77767]} ) .

وقال ابن عباس : " كانوا يشتون بمكة ، [ ويصفون ] ( {[77768]} ) بالطائف " ( {[77769]} ) .


[77723]:م: يكون.
[77724]:انظر: إعراب النحاس: 5/294.
[77725]:هو أبو جعفر يزيد بن القعقاع.
[77726]:ث: بفه، الفا.
[77727]:هي أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية، تكنى أم سلمة، ويقال: أم عامر، صحابية، حضرت وقعة اليرموك. انظر: الإصابة 8/12 والأعلام 1/306.
[77728]:انظر: جامع البيان 30/305 وتفسير القرطبي: 20/203 حيث حكاها أيضا عن مجاهد وحميد قال: "وروي نحوه عن ابن كثير وعن ابن عباس وغيره" وفي البحر: 8/514 عن أبي جعفر وعكرمة أيضا.
[77729]:م. ث: ايلافهم.
[77730]:ث: جار.
[77731]:انظر: معاني الفراء: 3/293.
[77732]:ساقط من م. وانظر: هذه القراءة في السبعة: 698 وذكر فيه ابن جاهد أن عاصما رجع عنه فقرأ مثل قراءة حمزة واحدة.
[77733]:ث: بها.
[77734]:انظر: تفسير القرطبي: 20/204.
[77735]:م: ابن عباس.
[77736]:أ: كمثل.
[77737]:انظر: قراءة ابن عامر في السبعة: 698 وقرأ الثانية: "ألفهم" قال مكي في الكشف 2/390 "فكان ابن عام جمع بين اللغتين في الكلمتين... يقال: الفت كذا وآلفت بمعنى".
[77738]:انظر: إعراب المحاس: 5/294.
[77739]:انظر: معاني الفراء: 3/293.
[77740]:م: وتقدير.
[77741]:أ: وقال.
[77742]:م: ومعناه.
[77743]:أ: يشق.
[77744]:جامع البيان 30/306.
[77745]:أ: ايلاف.
[77746]:أ، ث: أي نعمتي.
[77747]:جامع البيان: 30/293 وانظر: جامع البيان 30/306.
[77748]:انظر: جامع البيان: 30/307.
[77749]:ساقط من أ، ث.
[77750]:ث: قال.
[77751]:جامع البيان 30/307.
[77752]:ساقط من أ.
[77753]:م: أنهاهم.
[77754]:أ: كان.
[77755]:ساقط من أ.
[77756]:ث: فامنعهم.
[77757]:زيادة من أ، ث.
[77758]:م: فالغوا، ث: فالقوا.
[77759]:م: ارحلوا، ث: أن ترحلوا.
[77760]:انظر: جامع البيان 30/307 والدر 637.
[77761]:ساقط من ث.
[77762]:ساقط من ث.
[77763]:ث، م: مكة.
[77764]:ث: الفراء.
[77765]:في جامع البيان 30/307. "القيظ" وكلاهما صحيح. انظر: اللسان: (غيظ).
[77766]:ث: القيظ.
[77767]:انظر: جامع البيان 30/307 والدر 8/637.
[77768]:م: ويصفون.
[77769]:جامع البيان 30/306 والدر 8/635.