صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

{ فذرني ومن يكذب بهذا الحديث } كل إلي من يكذب بالقرآن ! وخلّ بيني وبينه ! فإني عالم بما ينبغي أن يفعل به مطيق له ، وسأكفيكه ؛ ففرّع بالك ، وخل همك منه ، وتوكل عليّ في الانتقام منه . وهو من بليغ الكلام ، وفيه تسلية للرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتهديد للمكذبين . { سنستدرجهم } سنستنزلهم إلى العذاب درجة درجة ، بالإمهال والإحسان وإسباغ النعم ؛ حتى يظنوا ذلك تفضيلا لهم على المؤمنين ، فيتمادوا في الطغيان والكفر ، ثم نأخذهم أخذ عزيز مقتدر [ آية 182 الأعراف ص 289 ] .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

{ 44 - 52 } { فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ * أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ * أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ * فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ * فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ * وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ }

أي : دعني والمكذبين بالقرآن العظيم فإن علي جزاءهم ، ولا تستعجل لهم ، ف { سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ } فنمدهم بالأموال والأولاد ، ونمدهم في الأرزاق والأعمال ، ليغتروا ويستمروا على ما يضرهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

{ فذرني ومن يكذب بهذا الحديث } أي فدعني والمكذبين بالقرآن ، وخل بيني وبينهم . قال الزجاج : معناه لا تشغل قلبك به ، وكله إلي فإني أكفيك أمره ، { سنستدرجهم } سنأخذهم بالعذاب ، { من حيث لا يعلمون } فعذبوا يوم بدر .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

{ فذرني ومن يكذب بهذا الحديث } دعني والمكذبين بهذا القرآن أي كلهم الي ولا تشغل قلبك بهم فاني أكفيك أمرهم { سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } أي نأخذهم قليلا قليلا ولا نباغتهم

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

قوله تعالى : " فذرني " أي دعني . " ومن يكذب " " من " مفعول معه أو معطوف على ضمير المتكلم . " بهذا الحديث " يعني القرآن ، قاله السدي . وقيل : يوم القيامة . وهذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ، أي فأنا أجازيهم وأنتقم منهم . " سنستدرجهم من حيث لا يعلمون " معناه سنأخذهم على غفلة وهم لا يعرفون ، فعذبوا يوم بدر . وقال سفيان الثوري : نسبغ عليهم النعم وننسيهم الشكر . وقال الحسن : كم مستدرج بالإحسان إليه ، وكم مفتون بالثناء عليه ، وكم مغرور بالستر عليه . وقال أبو رَوْق : أي كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار . وقال ابن عباس : سنمكر بهم . وقيل : هو أن نأخذهم قليلا ولا نباغتهم . وفي حديث ( أن رجلا من بني إسرائيل قال يا رب كم أعصيك وأنت لا تعاقبني - قال - فأوحى الله إلى نبي زمانهم أن قل له كم من عقوبة لي عليك وأنت لا تشعر ، إن جمود عينيك وقساوة قلبك استدراج مني وعقوبة لو عقلت ) . والاستدراج : ترك المعاجلة . وأصله النقل من حال إلى حال كالتدرج . ومنه قيل درجة ، وهي منزلة بعد منزلة . واستدرج فلان فلانا ، أي استخرج ما عنده قليلا . ويقال : درجه إلى كذا واستدرجه بمعنى ، أي أدناه منه على التدريج فتدرج هو .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

ولما علم بهذا {[67695]}أنه سبحانه{[67696]} المتصرف وحده بما يشاء{[67697]} كيف يشاء من المنع والتمكين ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجد من تكذيبهم له - مع إتيانه بما لا يحتمل التكذيب بوجه - من المشقة ما لا يعلم مقداره إلا الله سبحانه وتعالى ، وكان علم المغموم{[67698]} بأن له منقذاً يخفف عنه ، وكان علمه باقتداره على ما يراد منه{[67699]} أقر لعينه سبب عن كمال اقتداره قوله مخففاً عنه عليه أفضل الصلاة والسلام ، لافتاً القول إلى التكلم بالإفراد تنصيصاً على المراد زيادة في{[67700]} تسكين القلب وشرح الصدر{[67701]} : { فذرني } أي اتركني على أي حالة اتفقت { ومن يكذب } أي يوقع التكذيب لمن يتلو ما جددت إنزاله من كلامي القديم على أي حالة كان إيقاعه ، وأفرد الضمير نصاً{[67702]} على تهديد كل واحد من المكذبين : { بهذا الحديث } أي بسببه{[67703]} أي خل بيني وبينهم وكل أمرهم إليَّ ولا تكترث بشيء منه أصلاً فإني أكفيكهم لأنه لا{[67704]} مانع منهم فلا تهتم بهم{[67705]} أصلاً .

ولما كان كأنه قيل : وماذا تعمل فيه{[67706]} إذا خليت بينك وبينه{[67707]} ؟ أجابه بقوله جامعاً الضمير ليكون الواحد مهدداً من باب الأولى : { سنستدرجهم } أي فنأخذهم بعظمتنا {[67708]}عما قليل{[67709]} على غرة بوعد لا خلف فيه {[67710]}وندنيهم{[67711]} إلى الهلاك درجة درجة بواسطة من شئنا من جنودنا وبغير واسطة بما نواتر عليهم من النعم التي توجب عليهم{[67712]} الشكر فيجعلونها سبباً لزيادة الكفر فنوجب{[67713]} لهم النقم . ولما كان أخذ الإنسان من مأمنه على حالة غفلة بتوريطه في أسباب الهلاك لا يحس بالهلاك إلا وهو لا يقدر على التقصي فيها بوجه قال تعالى : { من حيث } أي من جهات { لا يعلمون * } أي لا يتجدد لهم علم ما في وقت من الأوقات بغوائلها{[67714]} ، وذلك أنه سبحانه يغرهم بالإمهال ولا يعاجلهم بالعقاب في وقت{[67715]} المخالفة كما يتفق لمن يراد به الخير فيستيقظ بل يمهلهم ويمدهم بالنعم حتى يزول عنهم خاطر التذكر فيكونوا منعمين في الظاهر مستدرجين في الحقيقة فيقولون : قد قلتم : إن القدر فائض عن القضاء وأن الأعمال قضاء{[67716]} وجزاءها قدر ، ويقولون : إن أفعالنا في الدنيا قبيبحة ونحن لا نرى جزاءها إلا ما يسرنا لولا يعذبنا الله بما نقول{[67717]} فأنتم كاذبون في توعدنا فإنا كلما أحدثنا ما تسمونه معصية تجددت لنا نعمة ، وذلك كما قادهم إلى تدريجهم وهم في غاية الرغبة{[67718]} ، قال القشيري : والاستدراج أن يريد السيىء ويطوي عن صاحبه وجه القصد حتى يأخذه بغتة فيدرج إليه شيئاً بعد شيء .


[67695]:- من ظ وم، وفي الأصل: سبحانه إنه.
[67696]:- من ظ وم، وفي الأصل: سبحانه إنه.
[67697]:- زيد في الأصل: أن من، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67698]:- من م، وفي الأصل وظ: المعلوم.
[67699]:- زيد في الأصل، أو خرب، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67700]:- من ظ وم، وفي الأصل: على.
[67701]:- من ظ وم وفي الأصل: الصدور.
[67702]:- في الأصل بياض ملأناه من ظ وم.
[67703]:-من ظ وم، وفي الأصل: سبب.
[67704]:- زيد من ظ وم.
[67705]:- من ظ وم، وفي الأصل: به.
[67706]:- من ظ وم، وفي الأصل: فيهم.
[67707]:- من ظ وم، وفي الأصل: بينهم.
[67708]:- من ظ وم، وفي الأصل: قليل بعظمتنا.
[67709]:- من ظ وم، وفي الأصل: قليل بعظمتنا.
[67710]:- من م، وفي الأصل وظ: فنذيهم.
[67711]:- من م، وفي الأصل وظ: فنذيهم.
[67712]:- زيد من ظ وم.
[67713]:- من ظ وم، وفي الأصل: فأوجب ذلك.
[67714]:- من ظ وم، وفي الأصل: بفائها.
[67715]:-العبارة من "في وقت" إلى هنا تكرر في الأصل فقط.
[67716]:- زيد من ظ وم.
[67717]:- زيد في الأصل: حسبهم فهم، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67718]:- زيد في الأصل: انتهى، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.