ولما خوف الكفار بعظمة يوم القيامة زاد في التخويف بما عنده وفي قدرته فقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { فذرني } أي : اتركني على أيّ حالة اتفقت { ومن يكذب } أي : يوقع التكذيب لمن يتلو ما جددت إنزاله من كلامي القديم على أيّ حالة كان إيقاعه ، وأفرد الضمير نصاً على تهديد كل واحد من المكذبين { بهذا الحديث } أي : القرآن ، أي : خل بيني وبينهم لا تشغل قلبك به ، فإني أكفيك أمره لأنه لا مانع منه فلا تهتم به أصلاً .
{ سنستدرجهم } أي : سنأخذهم بعظمتنا على التدريج لا على غرّة إلى عذاب لا شك فيه { من حيث } أي : من جهات { لا يعلمون } أي : لا يتجدد لهم علم ما في وقت من الأوقات فعذبوا يوم بدر ، وقال أبو روق : كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار . وقال سفيان الثوري : نسبغ عليهم النعم وننسيهم الشكر ، وقال الحسن : كم مستدرج بالإحسان إليه ، وكم مفتون بالثناء عليه ، وكم مغرور بالستر عليه ، وقال ابن عباس : سنمكر بهم ، وروي أن رجلاً من بني إسرائيل قال : يا رب كم أعصيك وأنت لا تعاقبني فأوحى الله إلى نبي زمانهم أن قل له : كم من عقوبة لي عليك وأنت لا تشعر أن جمود عينيك وقساوة قلبك استدراج مني وعقوبة لو عقلت ، والاستدراج ترك المعاجلة ، وأصله النقل من حال إلى حال كالتدرج ، ومنه قيل : درجات وهي منزلة بعد منزلة واستدرج فلان فلاناً ، أي : استخرج ما عنده قليلاً قليلاً ، ويقال : درجه إلى كذا واستدرجه معناه : أدناه منه على التدريج فتدرج . ومعنى الآية : إنا لما أنعمنا عليهم اعتقدوا أن ذلك الإنعام تفضيل لهم على المؤمنين وهو في الحقيقة والواقع سبب لهلاكهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.