الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

- ثم قال تعالى : ( فذرني ومن يكذب بهذا الحديث . . . )[ 44 ] .

هذا تهديد ووعيد من الله للمكذبين بكتابه ، كما يقول الرجل للجل يتوعده : دعني وإياك وخلني وإياه{[69840]} .

وقوله : ( سنتستدرجهم من حيث لا يعلمون )[ 44 ] .

أي : سنكيدهم من حيث لا يعلمون ، وذلك أن يمتعهم بمتاع الدنيا حتى يظنوا أنهم إنما متعوا به الخير{[69841]} لهم عند الله فيتمادون{[69842]} في طغيانهم ، ثم{[69843]} [ يأخذهم ] {[69844]} بغتة [ وهم ] {[69845]} لا يشعرون .

فيكون معنى " سنستدرجهم : سنميعهم ونوسع عليهم في الدنيا حتى يتوهموا أن لهم خيرا ويغتروا بالنعم{[69846]} .

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، وقرأ : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة ) {[69847]} وحقيقة الاستدراج أن يأخذه ببأسه قليلا ولا يجاهره ، وهو من الدرج الذي يصعد وينزل منه قليلا قليلا{[69848]} .


[69840]:- أ: وإياك, ث:إياه. والذي في جامع البيان 29/43:" دعني وإياه وخلني وإياه" ولعله هو الأنسب. وانظر: معاني الزجاج 5/211 والوجوه والنظائر للدامغاني 484, واللسان: وذر.
[69841]:-أ: متعوا لخير.
[69842]:- في جامع البيان 29/44:" يتمادوا.
[69843]:-أ: حتى.
[69844]:- م: يخدهم.
[69845]:- م: فهم.
[69846]:- ث: بالنعيم. وانظر إعراب النحاس 5/16.
[69847]:-هود: 102. وهذا الحديث أخرجه البخاري في كتاب التفسير, سورة هود, باب( وكذلك أخذ ربك) الآية 102, ح: 4686 عن أبي موسى , ولفظه: إن الله ليملي للظالم... الحديث. وبنحو هذا اللفظ أخرجه الترمذي في التفسير, ح: 5110و 5111, وابن ماجة في كتاب الفتن, باب العقوبات, ح: 4018.
[69848]:- ساقط من ث.