{ أم أبرموا أمرا } كلام مستأنف ناع على المشركين ما دبروا من الكيد للرسول صلى الله عليه وسلم . أي بل أأحكموا أمرا من كيدهم في دار الندوة ؛ إذ تآمروا على قتله صلى الله عليه وسلم . و " بل " للانتقال من توبيخ أهل النار إلى حكاية جناية هؤلاء المشركين . وهمزة الاستفهام لإنكار ما وقع واستقباحه . والإبرام : الإتقان والإحكام ، وأصله : الفتل المحكم . يقال : أبرم الحبل ، إذا أتقن قتله . { فإنا مبرمون } محكمون كيدنا بهم باستئصال صناديدهم يوم بدر .
{ 79-80 } { أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ }
يقول تعالى : أم أبرم المكذبون بالحق المعاندون له { أَمْرًا } أي : كادوا كيدا ، ومكروا للحق ولمن جاء بالحق ، ليدحضوه ، بما موهوا من الباطل المزخرف المزوق ، { فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } أي : محكمون أمرا ، ومدبرون تدبيرا يعلو تدبيرهم ، وينقضه ويبطله ، وهو ما قيضه اللّه من الأسباب والأدلة لإحقاق الحق وإبطال الباطل ، كما قال تعالى : { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ }
قال مقاتل : نزلت في تدبيرهم المكر بالنبي صلى الله عليه وسلم في دار الندوة ، حين استقر أمرهم على ما أشار به أبو جهل عليهم أن يبرز من كل قبيلة رجل ليشتركوا في قتله فتضعف المطالبة بدمه ، فنزلت هذه الآية ، وقتل الله جميعهم ببدر .
" أبرموا " أحكموا . والإبرام الإحكام . أبرمت الشيء أحكمته . وأبرم الفتال إذا أحكم الفتل ، وهو الفتل الثاني ، والأول سحيل ، كما قال :
. . . من سحيل{[13692]} ومبرم
فالمعنى : أم أحكموا كيدا فإنا محكمون لهم كيدا . قاله ابن زيد ومجاهد . قتادة : أم أجمعوا على التكذيب فإنا مجمعون على الجزاء بالبعث . الكلبي : أم قضوا أمرا فإنا قاضون عليهم بالعذاب . وأم بمعنى بل . وقيل : " أم أبرموا " عطف على قوله : " أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون " {[13693]} [ الزخرف : 45 ] . وقيل : أي ولقد جئناكم بالحق فلم تسمعوا ، أم سمعوا فأعرضوا لأنهم في أنفسهم أبرموا أمرا أمنوا به العقاب .
ولما كان هذا خبراً لا جواب فيه لظهور الدلائل وتعالي العظمة إلا الرجوع ، وكان من لا يرجع إنما يريد بمحاربة الإله الأعظم ، قال عادلاً عن الخطاب إنزالاً لهم بالغيبة منزلة البعيد الذي لا يلتفت إليه معادلاً لما تقديره : أرجعوا لما ظهر لهم من الحق الظاهر { أم أبرموا } أي أحكموا { أمراً } في رد أمرنا ومعاداة أوليائنا مع علمهم بأنا مطلعون عليهم .
ولما كان سبحانه مطلعاً بطية أمرهم وغائب سرهم ، سبب عما سأل عنه من إبرامهم ما دل على أنه عالم به وقد أبرم له قبل كونه ما يزيله ويعدمه ويحيله ، على سبيل التأكيد لإنكارهم أن يغلبوا فقال : { فإنا مبرمون } أي دائماً للأمور لعلمنا بها قبل كونها وقدرتنا واختيارنا ، تلك صفتنا التي لا تحول بوجه : العلم والقدرة والإرادة ، لم يتجدد لنا شيء لم يكن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.