الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{أَمۡ أَبۡرَمُوٓاْ أَمۡرٗا فَإِنَّا مُبۡرِمُونَ} (79)

قال مقاتل : نزلت في تدبيرهم المكر بالنبي صلى الله عليه وسلم في دار الندوة ، حين استقر أمرهم على ما أشار به أبو جهل عليهم أن يبرز من كل قبيلة رجل ليشتركوا في قتله فتضعف المطالبة بدمه ، فنزلت هذه الآية ، وقتل الله جميعهم ببدر .

" أبرموا " أحكموا . والإبرام الإحكام . أبرمت الشيء أحكمته . وأبرم الفتال إذا أحكم الفتل ، وهو الفتل الثاني ، والأول سحيل ، كما قال :

. . . من سحيل{[13692]} ومبرم

فالمعنى : أم أحكموا كيدا فإنا محكمون لهم كيدا . قاله ابن زيد ومجاهد . قتادة : أم أجمعوا على التكذيب فإنا مجمعون على الجزاء بالبعث . الكلبي : أم قضوا أمرا فإنا قاضون عليهم بالعذاب . وأم بمعنى بل . وقيل : " أم أبرموا " عطف على قوله : " أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون " {[13693]} [ الزخرف : 45 ] . وقيل : أي ولقد جئناكم بالحق فلم تسمعوا ، أم سمعوا فأعرضوا لأنهم في أنفسهم أبرموا أمرا أمنوا به العقاب .


[13692]:هذا عجز بين لزهير بن أبي سلمى. والبيت كما في ديوانه: يمينا لنعم السيدان وجدتما *** على كل حال من سحيل ومبرم والسحيل: الغزل الذي لم يبرم.
[13693]:آية 45 من هذه السورة.