تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَمۡ أَبۡرَمُوٓاْ أَمۡرٗا فَإِنَّا مُبۡرِمُونَ} (79)

الآية 79 وقوله تعالى : { أم أبرموا أمرا فإنا مُبرِمون } ثم يحتمل أن يكون ما ذكر من إبرامهم أمرا ما ذكر في آية أخرى ، وهو قوله تعالى : { وإذ يمكر بك الذين كفروا } [ الأنفال : 30 ] إبرامهم أمرا هو مكرهم الذي مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم في ما ذكر ، والله أعلم .

ويحتمل أن يكون إبرامُهم الذي ذكر غير ذلك ، وكيف ما كان ففيه وجهان في الدلالة :

أحدهما : ليعلموا أن الله تعالى عالم سميع بما يُبرمون في ما بينهم من أمر سرّا لأنه في ظنهم أن الله لا يعلم ، ولا يسمع ما يُبرمون من الأمر سرّا . ولذلك قال تعالى : { أم يحسبون أنّا لا نسمع سرّهم ونجواهم } [ الزخرف : 80 ] .

والثاني : في دلالة إثبات الرسالة لأنهم أبرموا ذلك الأمر في ما بينهم سرّا ، ثم أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أبرموا ، وأحكموا من الأمر ليعلم أنه إنما علم ذلك بالله تعالى .

وقوله تعالى : { فإنا مُبرِمون } يحتمل فإنا جازون جزاء إبرامهم . ويحتمل : { فإنا مُبرمون } أي إلينا يرجع تدبير إبرامهم الأمر ومكرهم جميعا . وعلى ذلك قوله : { فلله المكر جميعا } [ الرعد : 42 ] على هذين الوجهين اللذين ذكرناهما .