تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{أَمۡ أَبۡرَمُوٓاْ أَمۡرٗا فَإِنَّا مُبۡرِمُونَ} (79)

74

المفردات :

أم أبرموا أمرا : أحكموه وقرروه واعتزموه ، من الإبرام وهو الإحكام والإتقان ، يقال : أبرم الحبل ، أي : أتقن فتله .

التفسير :

79- { أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون } .

أم ، للإضراب الانتقالي ، حيث كان الحديث عن عذاب المجرمين في جهنم ، فانتقل إلى مجابهة أهل مكة ، أي : بل دبروا وأحكموا المكر والكيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الندوة ، حيث فكروا في حبسه أو نفيه أو قتله ، وأخيرا استقر رأيهم على أن يختاروا من كل قبيلة فتى جلدا وسطا متينا ، ويعطى كل شاب سيفا صارما بتّارا ، ثم يضربوا النبي صلى الله عليه وسلم ضربة واحدة ، وبذلك يتفرق دمه في القبائل ، فلا يستطيع بنو عبد مناف محاربة كل هذه القبائل ، فيقنعون بالدية في قتله وبذلك يستريح كفار مكة ، لكن الله أبرم ودبر وأحكم حفظ رسوله ، وأمره بالهجرة ، فخرج من بينهم بحفظ الله وعنايته .

قال مقاتل بن سليمان :

نزلت في تدبير المشركين المكر بالنبي صلى الله عليه وسلم في دار الندوة ، حين استقر أمرهم على ما أشار به أبو جهل ، وهو أن يبرز من كل قبيلة رجل ، ليشتركوا في قتله صلى الله عليه وسلم فتضعف المطالبة بدمه .

وقال غيره من المفسرين :

الآية عامة ، والمعنى : كلما أحكموا أمرا في المكر بمحمد صلى الله عليه وسلم فإنا نحكم أمرا في مجازاتهم ، وإنا محكمون لهم كيدا ، أي نبيت لهم جزاء وعقابا شديدا .

قال تعالى : { ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون } . ( النمل : 50 ) .

وقال سبحانه : { أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون } . ( الطور : 42 ) .

قال ابن كثير :

وذلك لأن المشركين كانوا يتحيلون في رد الحق بالباطل بحيل ومكر يسلكونه ، فكادهم الله تعالى ورد وبال ذلك عليهم .