إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَمۡ أَبۡرَمُوٓاْ أَمۡرٗا فَإِنَّا مُبۡرِمُونَ} (79)

{ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً } كلامٌ مبتدأٌ ناعٍ على المشركينَ ما فعلُوا من الكيدِ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم . وأمْ منقطعةٌ وما فَيها من مَعنْى بلْ للانتقالِ من توبيخِ أهلِ النَّارِ إلى حكايةِ جنايةِ هؤلاءِ ، والهمزةُ للإنكارِ ، فإنْ أُريدَ بالإبرامِ الإحكامُ حقيقةً فهيَ لإنكارِ الوقوعِ واستبعادِه ، وإنْ أُريدَ الإحكامُ صورةً فهيَ لإنكارِ الواقعِ واستقباحِه أيْ أأبرمَ مشركُو مكَة أمراً من كيدِهم ومكرِهم برسولِ الله صلى الله عليه وسلم . { فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } كيدنَا حقيقةً لا همُ أو فإنَّا مبرمونَ كيدنَا بهم حقيقةً كما أبرمُوا كيدَهُم صورةً كقولِه تعالى : { أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فالذين كَفَرُوا هُمُ المكيدون } [ سورة الطور ، الآية 42 ] وكانُوا يتناجَون في أنديتِهم ويتشاورُون في أمورِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ .