الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{مَا كَانَ إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّٗا وَلَا نَصۡرَانِيّٗا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفٗا مُّسۡلِمٗا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (67)

قوله : ( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً . . . ) [ 66 ] .

ذلك رد لقولهم وادعائهم ( وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً ) أي : حاجاً( {[10159]} ) وأصل الحنف( {[10160]} ) : ( إقبال صدر الرجل على الأخرى إذا كان ذلك خلقة ) ، فالحنيف : المائل إلى الإسلام( {[10161]} ) .

والمسلم : المتذلل لأمر الله عز وجل( {[10162]} ) .

فأما معنى قوله : ( يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيئُونَ )( {[10163]} ) ( الذِينَ أَسْلَمُوا )( {[10164]} ) ولا يكون نبي إلا مسلم( {[10165]} ) .

فإنه يريد النبيين( {[10166]} ) الذين استسلموا أو سلموا( {[10167]} ) لما في التوراة من أحكام الله عز وجل التاركون التعقب وكثرة السؤال عما فيها .

وروي أن عزيرا أكثر السؤال عن القدر ، فمحي من ديوان النبوة .

ومن هذا قول إبراهيم صلى الله عليه وسلم : ( وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ )( {[10168]} ) . أي : مسلمين لأمرك ، منقادين لحكمك بالنية والعمل وكذلك ( أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )( {[10169]} ) أي : [ انقدت لأمره ]( {[10170]} ) .


[10159]:- الحنيف: مأخوذ من الحنف وهو الاستقامة أو الميل. انظر: المفردات 133 واللسان حنف 9/56. قال الطبري: إنما سمي دين إبراهيم الإسلام "الحنفية" لأنه أول إمام لزم العباد – الذين كانوا في عصره، والذين جاءوا من بعده إلى يوم القيامة – اتباعه في مناسك الحج، والائتمام به فيه. قالوا: فكل من حج البيت، فنسك مناسك إبراهيم على ملته، فهو "حنيف" مسلم على دين إبراهيم. المدقق.
[10160]:- (د): الحق.
[10161]:- انظر: معاني الزجاج 1/427. قال الطبري: وأما الحنيف، فإنه المستقيم من كل شيء، وقد قيل: إن الرجل الذي تقبل إحدى قدميه على الأخرى إنما قيل له أحنف نظراً إلى السلامة. المدقق.
[10162]:- إعراب النحاس 1/341.
[10163]:- ساقط من (أ) (ج).
[10164]:- المائدة 44 آية.
[10165]:- (ج): مسلماً وهو خطأ لأن كان هنا تامة.
[10166]:- (ب) و(د): النبيئون وهو خطأ.
[10167]:- ساقط من (أ) (ج).
[10168]:- البقرة آية 128-131.
[10169]:- المصدر السابق.
[10170]:- ساقط من ألف (أ) (ج).