الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ مُخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهُۥ كَذَٰلِكَۗ إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَـٰٓؤُاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} (28)

ثم قال : { ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه } أي : خلق مختلف ألوانه .

{ كذلك } أي : مثل الجدد ، أي كما اختلفت ألوان الطرائق في الجبال كذلك تختلف ألوان الناس والأنعام وغيرهم ، قدرة من الله تعالى ينبه خلقه عليها .

ومن أجل حذف الموصول قال : " ألوانه " أي : خلق مختلف ألوانه ولم يقل ألوانهم ولا ألوانها .

ثم قال تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماؤا } أي : إنما يخاف الله ويتقي عقابه العلماء بقدرته على ما يشاء وأنه يفعل ما يريد ، لأن من علم ذلك أيقن بالمعاقبة على المعصية فخاف الله واتقاها .

قال ابن عباس : هم الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير{[56185]} .

وقال قتادة : كفى بالرهبة علما{[56186]} .

قال مجاهد : إنما العالم من خشي الله{[56187]} .

وقال ابن مسعود : كفى بخشية الله علما والاغترار به جهلا{[56188]} .

قال ابن منصور بن زاذان{[56189]} : نبئت أن بعض من يلقى في النار يتأذى الناس بريحه ، فيقال : ويلك ماكنت تعمل ؟ أما يكفي ما نحن فيه من الشر حتى ابتلينا بك وبنتن ريحك ؟ فيقول : كنت عالما فلم أنتفع بعلمي .

وقال عمران القصير{[56190]} : بلغني أن في جهنم واديا تستعيذ منه جهنم كل يوم أربع مائة مرة مخافة أن يرسل عليها فيأكلها ، أعد الله ذلك الوادي للمرائين من القراء .

ثم قال : { إن الله عزيز } أي : عزيز في انتقامه .

{ غفور } : للذنوب لمن تاب وأطاع .

{ كذلك } تمام{[56191]} حسن عند الجميع{[56192]} و{ ألوانها } تمام{[56193]} و{ العلماؤا }تمام{[56194]} .


[56185]:انظر: جامع البيان 22/132، وتفسير ابن كثير 3/554 والدر المنثور 7/20
[56186]:انظر: جامع البيان 22/132 والدر المنثور 7/19
[56187]:انظر: الجامع للقرطبي 14/343، والدر المنثور 7/21
[56188]:انظر: إعراب النحاس 3/371، والجامع للقرطبي 14/343، والدر المنثور 7/20، وتفسير ابن مسعود 2/518
[56189]:هو أبو المغيرة منصور بن زاذان الثقفي ثقة ثبت عابد روى عن أنس بن مالك وأبي العالية والحسن وعطاء وغيرهم، وروى عنه شعبة وأبو عوانة وغيرهم، توفي سنة 129 وقيل سنة 131هـ انظر: صفة الصفوة 3/11، 373 وتذكرة الحفاظ 1/141، 134 وتقريب التهذيب 2/275، 1380
[56190]:هو عمران بن مسلم المنقري أبو بكر القصير البصري، صدوق أخرج له البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود. انظر: تقريب التهذيب 2/84 ، 740
[56191]:أي وقف تمام.
[56192]:هو كذلك عند أبي جعفر النحاس ونافع ويعقوب وأبي حاتم وعبد الله بن مسلم وأحمد بن جعفر. انظر: القطع والإئتناف 591. وهو قول أبي عمرو الداني أيضا، كما في المكتفى 470
[56193]:يرى أبو جعفر النحاس أنه وقف كاف لأن ما بعده مرفوع انظر: القطع والإئتناف 591
[56194]:قال أبو جعفر: إنه وقف تمام عند أبي حاتم والتمام عند غيره: {الله عزيز غفور} انظر: القطع والإئتناف 591 أما أبو عمرو الداني فيوافق أبا حاتم وكذلك مكيا إذ يرى أن الوقف على {العلماؤا} تمام انظر: المكتفى470