الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{كَانُواْ لَا يَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرٖ فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ} (79)

ثم أخبر تعالى أنهم ( كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ) [ 81 ] . أي : لا ينهى بعضهم بعضاً ، والمنكر : المعاصي( {[17356]} ) .

( لَبِيسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) في الكلام معنى القسم ، والمعنى : أقسم لبئس الفعل( {[17357]} ) فعلهم في تركهم النهي عن المعاصي( {[17358]} ) .

وروي أن النبي عليه السلام قال : إن أولَ ما كان من نقص بني إسرائيل ومعصيتهم : أنهم كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، شبه تعْذير( {[17359]} ) ، فكان أحدهم إذَا لقي( {[17360]} ) صاحبه الذي كان يعيب عليه آكله( {[17361]} ) وشاربه وخالطه ، كأنه لم يعب( {[17362]} ) عليه شيئاً ، فلعنهم الله على( {[17363]} ) لسان داود وعيسى بن مريم( {[17364]} ) .

وروي عن عليه السلام أنه قال : لا يزال العذاب مكفوفاً عن العباد ما استتروا بمعاصي الله ، فإذا أعلنوها ، فلم تنكر ، استحلوا( {[17365]} ) عقاب الله .

وقال عليه السلام : إن الخطيئة إذا أخفيت لم تضر( {[17366]} ) إلا صاحبها ، وإذا أظهرت فلم( {[17367]} ) تُغَيَّر ضرتِ العامة( {[17368]} ) .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تعذب )( {[17369]} ) الخاصة بعمل العامة حتى تكون الخاصة تستطيع( {[17370]} ) أن تغير على العامة ، فإذا استطاعت ذلك –فلم تفعل- عذبت( {[17371]} ) ( الخاصة والعامة )( {[17372]} ) .


[17356]:- انظر: تفسير الطبري 10/496.
[17357]:- ب ج د: ما الفعل.
[17358]:- انظر: تفسير الطبري 10/496.
[17359]:- ب: التقدير. "والتعذير في الأمر: التقصير فيه... وفي الحديث: أن بني إسرائيل كانوا إذا عُمِلَ فيهم بالمعاصي، نهاهم أحبارهم تعذيراً فعمهم الله بالعقاب: وذلك إذا لم يبالغوا في نهيهم عن المعاصي، وداهنوهم ولم ينكروا أعمالهم بالمعاصي حق الإنكار، أي: نَهَوهُم نَهْياً قصَّروا فيه ولم يبالغوا. وُضع المصدر موضع اسم الفاعل حالاً" اللسان: عذر.
[17360]:- ب: القي.
[17361]:- ب ج ج: وآكله.
[17362]:- ب: يعيب.
[17363]:- ب ج د: لذلك على.
[17364]:- حديث قريب منه في تفسير الطبري 10/491 من غير ذكر لفظة "نقض" فيه. وذكر نحوه في العلل المتناهية 2/788 ثم قال بعده: "هذا حديث لا يصح".
[17365]:- ب د: استحقوا.
[17366]:- ب: نضر.
[17367]:- ب ج د: ولم.
[17368]:- انظر: الفردوس 2/208.
[17369]:- ب ج د: إن الله لا يعذب. وفي تفسير ابن كثير 2/86 كما في ب ج د.
[17370]:- ج د: ستطيع.
[17371]:- ب: عذب.
[17372]:- ب ج د: العامة والخاصة. وانظر: اسناده في تفسير ابن كثير 2/86.