الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَحَسِبُوٓاْ أَلَّا تَكُونَ فِتۡنَةٞ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٞ مِّنۡهُمۡۚ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (71)

قوله : ( وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ ) الآية [ 73 ] .

المعنى : وظن هؤلاء الذين أُخِذَ ميثاقهم أنه( {[17226]} ) لا يكون لهم من الله ابتلاء " واختبار بالشدائد من العقوبات ، ( فَعَمُوا وَصَمُّوا ) أي : عن الحق والوفاء بالميثاق الذي أخذ عليهم( {[17227]} ) . و( كثير ) بدل من المضمر( {[17228]} ) . وقيل : هو تأكيد كما تقول : " رأيت قومك ثلثهم( {[17229]} ) " وقيل : رفعه على إضمار مبتدا( {[17230]} ) ، [ و ]( {[17231]} ) المعنى : العمى كثير منهم( {[17232]} ) وقيل : التقدير : العمى والصم منهم كثير( {[17233]} ) . وقيل هو على لغة من قال : " أكلوني البراغيث " ، فيرتفع ( كثيرٌ ) ب[ عَموا وصَمُّوا ]( {[17234]} ) . ويجوز –في غير القرآن- النصب على أنه نعت لمصدر محذوف( {[17235]} ) .

( و )( {[17236]} ) قال مجاهد : ( هم )( {[17237]} ) اليهود خاصة( {[17238]} ) وقيل : المعنى : وحسبوا ألا يكون اختبار( {[17239]} ) ، لقولهم : ( نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ )( {[17240]} ) ، فعموا عن الحق وصموا( {[17241]} ) .

( ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِّنْهُمْ ) أي : لم يعلموا بما سمعوا ، ولا انتفعوا بما رأوا من الآيات فكانوا بمنزلة العُمْيِ الصُّم( {[17242]} ) .

وقيل : معنى ( ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) : ثم( {[17243]} ) بعث الله محمداً( {[17244]} ) يخبرهم( {[17245]} ) أن الله يتوب عليهم إن تركوا الكفر وآمنوا ، ( ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا ) أي : لم ينتفعوا بما قيل لهم( {[17246]} ) .


[17226]:- ج د: أنهم.
[17227]:- انظر: تفسير الطبري 10/478.
[17228]:- أي الواو. وانظر: معاني الزجاج 2/195، وإعراب النحاس 1/511.
[17229]:- أ: ثلاثتهم. وهو في معاني الأخفش 474 بقوله: "ثُلُثَيْهم" بدلا من "ثلثهم" ونقله عن الأخفش النحاس في إعرابه 1/115.
[17230]:- "المعنى: ذوو العم والصم كثير منهم" منهم في معاني الزجاج 2/196.
[17231]:- ساقطة من أ.
[17232]:- انظر: تفسير الطبري 10/196.
[17233]:- انظر: معاني الفراء 1/316.
[17234]:- أ: عمى وصم، ب: معنى وصم. وهو قول أبي عمرو الهذلي في مجاز أبي عبيدة 1/174، وانظر: معاني الفراء 1/316، ومعاني الأخفش 475، ومعاني الزجاج 2/195 و196.
[17235]:- انظر: معاني الفراء 1/316، وجميع أوجه إعراب (كثير) في إعراب النحاس 1/115، وانظر: إعراب مكي 234.
[17236]:- ساقطة من ب ج د.
[17237]:- ساقطة من ب ج د: اليهود.
[17238]:- انظر: تفسير الطبري 10/479، 480.
[17239]:- ب: اختيار.
[17240]:- المائدة: 20.
[17241]:- هو قول قتادة والسدي والحسن في تفسير الطبري 10/479.
[17242]:- ج: الصمم. وانظر: معاني الزجاج 2/195.
[17243]:- ب ج د: أي: ثم.
[17244]:- ب: محمد.
[17245]:- ب ج د: أن يخبرهم.
[17246]:- انظر: معاني الزجاج 2/195.