الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ} (78)

قوله : ( لُعِنَ الذِينَ كَفَرُوا ) الآية [ ( {[17330]} )80 ] .

( ذلك ) في موضع رفع ، على معنى : ذلك اللعن بما عَصَوا( {[17331]} ) ، أو على معنى : الأمرُ ذلك بما عصوا ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على معنى : فعلنا ذلك بما عصوا( {[17332]} ) .

والمعنى : أن الذين لعنوا على لسان داود ( هم )( {[17333]} ) أهل السبت ، والذين لعنوا على لسان عيسى ( ابن مريم ) ( {[17334]} ) هم أصحاب المائدة ، قاله ابن عباس( {[17335]} ) . وقيل : الذين لعنوا على لسان داود مسخوا قردة ، والذين لعنوا على لسان عيسى مسخوا خنازير( {[17336]} ) . قال النبي صلى الله عليه وسلم : أول ما وقع النقص( {[17337]} ) في بني إسرائيل : أن أحدهم كان يرى أخاه على المعصية فينهاهُ ، ثم لا يمنعه ذلك من الغد( {[17338]} ) أن يكون أكيله وشريبه( {[17339]} ) .

قال ابن عباس : لعنوا بكل لسان : لعنوا على عهد موسى في التوراة ، ولعنوا على عهد( {[17340]} ) داود( {[17341]} ) في الزبور ، ولعنوا على عهد عيسى في الإنجيل ، ولعنوا على عهد محمد في القرآن( {[17342]} ) .

وقال مجاهد( {[17343]} ) : لعنوا على لسان داود فصاروا قردة ، وعلى لسان عيسى فصاروا خنازير( {[17344]} ) . والمراد بذلك( {[17345]} ) –والله أعلم- أنه ( تعالى )( {[17346]} ) حذرهم أن يقولوا في عيسى ما قالوا فلعنوا كما لعن هؤلاء( {[17347]} ) .

ورُوي( {[17348]} ) أن داود( {[17349]} ) عليه السلام دعا عليهم على عهده : وذلك( {[17350]} ) أنه مرَّ على نفر وهم في بيت ، فقالك من في البيت ؟ [ فقالوا ]( {[17351]} ) : خنازير ، فقال : ( اللهم اجعلهم خنازير ) ، فأصابتهم لعنته( {[17352]} ) ، ودعا عليهم عيسى فقال : " اللهم( {[17353]} ) الْعَنْ مَنْ افْتَرَى عَلَيَّ وَعَلَى أُمِّي ، فَاجْعَلْهُمْ " ( {[17354]} ) قردة خاسئين( {[17355]} ) . ذلك بعصيانهم واعتدائهم .


[17330]:- ساقطة من د.
[17331]:- انظر: معاني الزجاج 2/198.
[17332]:- انظر: إعراب النحاس 1/513.
[17333]:- ساقطة من ب.
[17334]:- ساقطة من ب ج د.
[17335]:- في تفسير الطبري 10/489 و490 ثلاث روايات لابن عباس اقتصر فيها على ذكر سبب اللعن ومكانه، من غير تحديد، هل هم أصحاب المائدة أم السبت.
[17336]:- هو قول مجاهد وقتادة وأبي مالك في تفسير الطبري 10/490.
[17337]:- ب ج د: البغض. والنَّقصُ: الخُسران في الحظ، وهو ضعفُ العقل أيضاً. انظر: اللسان: نقص.
[17338]:- د: الغدا.
[17339]:- هذا معنى الحديث المبتدئ بقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بَنِيْ إِسْرَائِيلَ لَمَّا وقع فيهم النقصي..." في تفسير الطبري 10/493. وأخرج معناه كاملاً أبو داود في الملاحم، والترمذي في التفسير، وابن ماجه في الفتن، انظر: جامع الأصول 1/327 وما بعدها.
[17340]:- ج: لسان.
[17341]:- ج: داوو.
[17342]:- ب د: ابن مجاهد.
[17343]:- انظر: تفسير الطبري 10/490.
[17344]:- انظر: المصدر السابق.
[17345]:- ب ج د: بذكر ذلك.
[17346]:- ساقطة من د.
[17347]:- هذا المعنى في حديث، آخره: "أَتَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ... أوْ ليَضْرِبَنَّ الله قلوبَ بعضِكم على بعض، وَلْيَلْعَنَّكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ" في تفسير الطبري 10/491.
[17348]:- د: ورى.
[17349]:- ج: داوو.
[17350]:- ب: فذلك.
[17351]:- أ: فقال.
[17352]:- د: لعنة.
[17353]:- ب: لهم.
[17354]:- ب ج د: فجعلهم. وفي تفسير الطبري 10/490. واجعلهم.
[17355]:- هو في تفسير الطبري 10/419 مسبوقاً بقوله: "قال ابن جريج: وقال آخرون".