تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَشۡكُرُونَ} (60)

وقوله تعالى : ( وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) فإن قيل : كيف أوعد بيوم القيامة ، وهم كانوا لا يؤمنون بالبعث ؟ قيل : قد ألزمهم الحجة [ إذ ][ ساقطة من الأصل وم ] يكون البعث بما أظهر من كذبهم وافترائهم على الله في التحريم والتحليل فذلك يظهر كذبهم بتكذيبهم البعث .

وبعد فإنه قد يوعد المرء بما لا يتيقن به ويخوف منه[ في الأصل وم : عليه ] ويحذر ، وإن لم يحط علمه به فكذلك هذا .

وبعد فإنه قد جعل في عقولهم ما يلزمهم الإيمان بالبعث والجزاء للأعمال ؛ إذ ليس من الحكمة خلق الخلق للفناء خاصة .

ويحتمل وجها آخر وهو أن يقول : ( وما ظن الذين يفترون على الله الكذب ) لو خرج الأمر حقا ، وكان صدقا على ما أخبر رسول الله وقال عن البعث والجزاء لما اكتسبوا ؟

وقوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ) هو ذو فضل على الناس من جهة ما ساق إلى الكل من الرزق كافرهم ومؤمنهم وأنواع النعم ، وما أخر عنهم العذاب إلى وقت ، أو لما بعث إليهم الرسل والكتب من غير أن كان منهم إلى الله سابقة صنع ، يستوجبون به ذلك . ومنه ذلك خصوص فضل على المؤمنين ليس ذلك على الكافرين ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ ) لفضله وما أنعم عليهم .