تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَوۡ أَنَّ لِكُلِّ نَفۡسٖ ظَلَمَتۡ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ لَٱفۡتَدَتۡ بِهِۦۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَۖ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (54)

وقوله /231-أ/ تعالى : ( وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ ) يخبر عنهم أنهم يفدون ، ويبذلون جميع ما في الأرض لو قدروا عليه عند نزول العذاب بهم لشدة العذاب ولو كان الذي منعهم عن الإيمان هو حبهم الدنيا ، وبخلهم عليها وما فيها بقوله : ( ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها )[ يونس : 7 ] .

وقوله تعالى : ( وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوْا الْعَذَابَ ) الندامة لا تكون إلا سرارا بالقلب ؛ فكأنه قال : حققوا الندامة في قلوبهم على[ ساقطة من م ] ما كان منهم من التكذيب بالآيات والعناد في ردها .

وقال بعضهم : ( وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ ) أي أظهروا الندامة ، وهو ما يستعمل في الإظهار والإخفاء كقوله : شعب جمع وشعب فرق ونحوه . وبعد فإنه إذا أسر في نفسه لا بد من أن يضع ذلك في آخر ، ويخبره بذلك . فذلك منه إظهار .

وقوله تعالى : ( وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ) يحتمل قوله : ( وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ) [ ما توجبه الحكمة ؛ لأن الحكمة توجب تعذيب كل كافر نعمة وكل قائل في الله ما لا يليق به ، أو أن يكون تفسير قوله ( بالقسط ) ما ذكر ( وهم لا يظلمون ) . ويحتمل قوله ( بالقسط ) ][ ساقطة من الأصل ] ما ذكر ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا )[ الإسراء : 14 ] والقسط هو العدل وهم يومئذ عرفوا أنه كان يقضي بالعدل في الدنيا والآخرة ، والله أعلم .