وقوله تعالى : ( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ ) حرف لعل يحتمل وجهين :
[ أحدهما : يحتمل ][ في الأصل وم : يحتمل على ] النهي ؛ أي لا تترك بعض ما يوحى إليك ، وإن كان معلوما أنه لا يترك كقوله : ( ولا تكونن من المشركين )[ الأنعام : 14 ] [ وقوله : ][ ساقطة من الأصل وم ] ( فلا تكونن من الممترين )[ البقرة : 147 ] وأمثالهما[ في الأصل وم : وأمثاله ] . نهاه ، وإن كان معلوما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفعل ذلك ، وإنما احتمل النهي كما يقول[ في الأصل وم : يقال ] الرجل لآخر : لعلك تريد أن تفعل كذا ، فيكون[ في الأصل وم : فهو ] نهاه عن ذلك .
والثاني : يقال عند القرب من الفعل والدنو منه كقوله : ( لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا )[ الإسراء : 74 ] يقال : حرف كاد عند الميل إليه والقرب منه في إيمانهم ذلك في ما يحل له الترك ، وذلك ما قيل من نحو سب آلهتهم وذكر العيب فيها ، ويحل له ترك سب آلهتهم وشتمها .
وكذلك يخرج قوله : ( لعلك باخع نفسك )[ الشعراء : 3 ] على هذين الوجهين :
[ أحدهما ][ ساقطة من الأصل وم ] : على المنع : ألا يحمل على نفسه إشفاقا على أنفسهم ألا يؤمنوا لما يوجب تلفه .
والثاني : على التخفيف كقوله : ( ولا تحزن علهيم )الآية[ النحل : 127 ] [ وقوله ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( ولا تخافي ولا تحزني )[ القصص : 7 ] هو على التخفيف ليس على النهي .
وفي قوله : ( فلعلك تارك ) الآية وجه آخر ، وهو نهي يخرج مخرج البشارة مما كان يخاف من ضيق صدره واشتغال قلبه عند سوء معاملتهم إياه [ في وجهين :
أحدهما : ما يقع ][ في الأصل وم : فيقع ] له فيه في إبلاغ ما أمر تبليغه [ البشارة ][ ساقطة من الأصل وم ] ، فأمنه الله عن ذلك ، وعصمه .
والوجه الثاني : في النهي عن ذلك هو ما يقع له فيه الرجاء ؛ وذلك أن الأخيار إذا ابتلوا بالأشرار ، وقد يؤذن له في حال من الأحوال بتأخير التبليغ ، /237-أ/ فأيأسه عن ذلك ، وكلفه بتبليغ ما أمر له في جميع أحواله .
[ وقوله تعالى : ][ ساقطة من الأصل وم ] ( بعض ما يوحى إليك ) يحتمل ما ذكر أهل التأويل من سب آلهتهم وغيبها وما تدعو إليه .
وقوله تعالى : ( وضائق به صدرك ) يضيق صدره بما يقولون له استهزاء . وكذلك الحق أن كل من استهزأ به يُضَيق[ أدرج في الأصل وم قبلها : أن ] صدرَه ، وأي يَضِيق صدرُه لما لا يقدر على إتيان ما طلبوا منه من الملك وإنزال الملك وقد وعدوا أن يؤمنوا إن فعل ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ) لأن للكنز والملك محلا[ ي الأصل وم : محل ] في قلوب أولئك وقدرا[ في الأصل وم : وقدر ] . فقالوا : ( لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ ) [ فيعظموه ، ويصدقوا ما يوحى إليه ][ في الأصل وم : فيعظمونه فيصدق ما يوحى ] ويدعو . وكذلك الملك له محل عظيم عندهم ؛ إذا كان معه عظموه ، وصدقوه .
وقوله تعالى : ( إنما أنت نذير ) على إثر قولهم : ( لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أو جاء معه ملك ) أي ( إنما أنت نذير ) ليس عليك إتيان ما سألوا ، إنما ذلك تحكم منهم على الله وأماني ، فعليك إبلاغ ما أنزل إليك كقوله : ( إن عليك إلا البلاغ )[ الشورى : 48 ] ( والله على كل شيء وكيل ) أي حفيظ لكل ما يقولون فيك ، ويتفوهون به ، أو هو الوكيل أو الحفيظ لا أنت كقوله : ( لست عليهم بمصيطر )[ الغاشية : 22 ] وقوله : ( وما أنت عليهم بوكيل )[ الأنعام : 107 ] ونحوه ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.