وقوله تعالى : ( فَقَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ) قيل : أشراف قومه وأئمتهم ( ما نراك إلا بشرا مثلنا ) وكذلك قال عامة القوم لرسلهم الذين بعثوا إليهم ( ما أنتم إلا بشر مثلنا )[ يس : 15 ] كان هذا احتجاجهم في رد الرسالة يحتجون على الرسل فيقول ، والله أعلم إن الرسل في الشاهد إنما يجيئون من عند المرسل ، وأنتم نشأتم من بين أظهرنا لم تأتونا من أحد في الظاهر ، والرسول هو الذي يأتي من عند غيرٍ ، ويكون للرسل خصوصية عند المرسل ، ولا نرى لك خصوصية لا في الخلقة ولا في القدرة والمال وغيره .
فكيف بعثتم إلينا رسلا دون أن نبعث نحن إليكم رسلا إذ أنتم ونحن في الخلقة سواء ، وفي الأمور الظاهرة سواء ؟ أو نحوه[ من م ، في الأصل : نحو ] من الكلام .
واحتجوا على رسلهم في الرسالة ، وكذلك كانت[ في الأصل وم : كان ] عادة الكفرة ؛ كانوا يقولون : إذا لزِمَتْهم الحجة وأقيمت[ في الأصل وم : وأقيم ] عليهم ، نسبوها إلى السحر ، ونسبوا الرسل أنهم بشر مثلهم .
فجواب هذا كله ما ذكر ( إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده )[ إبراهيم : 11 ] وما قال لهم نوح : ( أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده ][ هود : 28 ] .
بمثل هذا يحتج عليهم ويقال أيضا : إنكم لا تنكرون فضل الله وتخصيص بعض على بعض بفضل الدين والرسالة ؟
وقوله تعالى : ( وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِي الرَّأْيِ ) احتجوا أيضا في رد الرسالة يقولون : إن الأراذل هم أتباع لكل من دعاهم ، وأهل طاعة لكل متبوع ، فليس في اتباع الأراذل إياك والضعفاء دلالة ثبوت رسالتك ؛ إذ هم يتبعون بلا دليل ولا حجة ، وهم فروع وأتباع لغير ، ولم يتبعك أحد من الأصول .
لكن يقال : إن هؤلاء الأراذل لما اتبعوا الرسل ولم يتبعوا الأئمة والرؤساء الذين معهم الأموال والدنيا ، ولم يكن في أيدي الرسل ثم ذلك ، ثم تركوا اتباع أولئك وفي أيديهم ما يدعوهم إليه ، واتبعوا الرسل دل أنهم اتبعوا الرسل [ بالحجج والبراهين ][ في الأصل وم : بالحجة والبرهان ] التي أقاموها عليهم أو نحوها[ في الأصل وم : نحوه ] .
والأراذل قيل : هم السفلة والضعفاء ، وقال القتبي : أراذلنا شرارنا .
[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل و ] : ( بادي الرأي ) قال بعضهم : ظاهر الرأي ، من قولك بدا لي ما كان خفيا ، وقال بعضهم : ( بادي الرأي ) من قولك : بدا ما كان خفيا ، وقال بعضهم : خفيف الرأي ، لا يعرفون حقائق الأمور وإنما يعرفون ظواهرها كأنهم يقولون : إنما اتبعك من كان خفيف الرأي وباديه ، لم يتبعك[ في الأصل وم : يتعبوك ] من يعرف حقائق الأمور والأصول .
وقد قرئ ( بادي الرأي ) بالهمز[ انظر معجم القراءات القرآنية ج3/106 ] ، وقد قرئ بغير همز . ومن قرأ بالهمز فهو من الابتداء أي في أول الرأي وابتدائه ، لا ينظر في عواقب الأمور . ومن قرأ بغير همز فهو من الظهور أي ظاهر الرأي[ في الأصل وم : بالرأي ] على تفكر ونظر فيه .
وقوله تعالى : ( وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ ) الآية ؛ يحتمل هذا أي فضل[ في الأصل وم : فضلا ] في الخلقة أو في ملك أو مال ولا في شيء ولكن جواب هذا ما سبق .
وقوله تعالى : ( بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ) هكذا كانت عادة الكفرة يردون دلالات الرسل والحجج بالظن ، لم يردوا بحقيقة ظهرت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.