وقوله تعالى : ( وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً ) [ يحتمل وجهين :
أحدهما : ][ ساقطة من الأصل وم ] على تبليغ الرسالة إليكم أو على إقامة الحجة على ما [ أبلغكم من ][ في الأصل وم : ادعي من ] الرسالة أو على الدين الذي أدعوكم إليه ؛ أي لا أسألكم على ذلك أجرا . فلماذا تعرضون عما أدعوكم إليه ، وأقيمه عليكم ليكون لكم الاحتجاج أو الاعتذار ؟ وكذلك يخرج قوله : ( أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون )[ الطور : 40 والقلم : 46 ] أي لا نسألكم[ في الأصل وم : تسألهم ] أجرا على ما نبلغه إليكم ، وندعوكم إليه ، فيمنعكم ثقل ذلك الغرم إجابتكم إياه .
فعلى ذلك الأول ؛ ذكر هذا لأن ما يلحق الإنسان من الضرر إنما يمنعه عن الإذعان للحق[ في الأصل وم : بالحق ] والإقبال إليه والقيام بوفائه ، أو يمنع ذلك بما لا يتبين له الحق لئلا يكون لهم الاحتجاج والاعتذار عند الله ، وإن لم يكن لهم حجة كقوله ( لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )[ النساء : 165 ] ليس على أنه إذا سألهم على ذلك أجرا يكون لهم عذر في رد ذلك وترك الإجابة ؛ إن لله أن يكلفهم الإجابة والطاعة له .
والثاني بقوله : ( لا أسألكم ) على ما أدعوكم إليه ، وأبلغه إليكم مالا مع حاجتي وقلة مالي ، فيقع عندكم أني أدعوكم إليه رغبة في ما في أيديكم من الأموال أو لمنفعة نفسي ، بل إنما أدعوكم إليه لمنفعة أنفسكم .
وقوله تعالى : ( إن أجري إلا على الله ) أي ما أجري إلا على الله في ذلك ليس عليكم .
وقوله تعالى : ( وما أنا بطارد الذين آمنوا ) فيه دلالة : كأنهم سألوا رسولهم أن يتخذ لهم مجلسا على حدة ، ويفرد لهم ذلك دون الأراذل والضعفاء ، وهو كقوله : ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ) الآية[ الأنعام : 52 ] .
وقال أهل التأويل : ( وما أنا بطارد الذين آمنوا ) أي ما أنا بالذي لا أقبل الإيمان من الأراذل والضعفاء مثلكم[ في الأصل وم : عندكم ] لقولهم الذي[ في الأصل وم : حيث ] قالوا : ( وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي )[ هود : 27 ] لأنهم يقولون : اتبعك الأراذل ظاهرا ، وأما في الباطن فليسوا على ذلك . ولذلك قال : ( وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمْ اللَّهُ خَيْراً اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ )[ هود : 31 ] يعني ما في قلوب السفلة ، فيقول : ( وما أنا بطارد الذين آمنوا ) ظاهرا : الله أعلم بما في القلوب .
وقوله تعالى : ( إنهم ملاقوا ربهم ) يحتمل وجهين :
أحدهما : أي ملاقوا ربهم ، فيشكون مني إليه في رد إيمانهم ، ويخاصمونني في ذلك ، ويطالبونني ] في طردي إياهم .
والثاني : ( إنهم ملاقوا ربهم ) ظاهرا كان إيمانهم أو باطنا ؛ أي في أي حال هم ملاقو ربهم ، فيجزيهم بما هم عليه كقوله ( إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون )[ الشعراء : 113 ] .
وقوله تعالى : ( ولكني أراكم قوما تجهلون ) يحتمل ( تجهلون ) ما أدعوكم إليه ، أو ( تجهلون ) في قولكم : إنهم آمنوا ، واتبعوا في ظاهر الحال وأما في السر فلا ، أو ( تجهلون ) ما يلحقني في طردكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.