تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّي وَءَاتَىٰنِي رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِهِۦ فَعُمِّيَتۡ عَلَيۡكُمۡ أَنُلۡزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمۡ لَهَا كَٰرِهُونَ} (28)

وقوله تعالى : ( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ ) أي على بيان من ربي أو على حجة وبرهان في ما آتاني من رحمة . والرحمة تحتمل النبوة لأنهم كانوا ينكرون /239-أ/ رسالته لما أنه بشر مثلهم ، فكيف خص هو بها دونهم وهو مثلهم ؟

فيقول : ( وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ ) أي النبوة . وآتاني أيضا على ذلك بينة وحجة . وتحتمل الرحمة الدين الذي كان يدعوهم إليه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ ) قرئ بالتخفيف والتشديد ؛ [ فمن قرأ بالتخفيف ][ ساقطة من الأصل وم ، أنظر معجم القراءات القرآنية ج3/107 ] أي لبست أو التبست عليكم حين[ في الأصل وم : حيث ] أعرضت عنه ؛ ومن قرأ بالتشديد ( فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ ) يرجع إلى الأتباع والسفلة ، أي عميت عليهم : القادة والرؤساء[ أدرج بعدها في الأصل وم : منهم ] ولبست ، وعميت بالتخفيف أي التبس وعمي على القادة والرؤساء .

وقوله تعالى : ( أَنُلْزِمُكُمُوهَا ) أي أنوجبها عليكم ؟ وهي التي ذكر أنه آتاه[ ف الأصل وم : آتاها ] البينة التي ذكر أيضا والدين الذي كان يدعوهم إليه ، أي نوجبها عليكم ، ولا نلزمها ( وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ) بلا حجة ولا برهان ( وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ) أي لا نلزمها لكم بلا حجة شئتم ، أو أبيتم ولكن بحجة . وفيه أن الدين لا يقبل بالإكراه .