وقوله تعالى : ( أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ ) [ يحتمل وجهين :
أحدهما ][ في الأصل وم : أي ] : أولئك لم يكونوا معجزي الله في الدنيا في أن يغلبهم ، وينتقم منهم ، إن شاء .
والثاني : أولئك لم يكونوا سابقي الله في الآخرة في دفع العذاب عن أنفسهم .
وجائز أن تكون الآية في الأئمة منهم والجبابرة ؛ يخبر أنهم غير معجزي الله في ما يريد منهم من التعذيب لهم .
وقوله تعالى : ( وما كان من دون الله من أولياء ) هم حسبوا أن أولئك الذي عبدوا دون الله يكونون لهم أولياء لأنهم /238-أ/ يقولون : ( هؤلاء شفعاؤنا عند الله )[ يونس : 18 ] ، ويقولون[ في الأصل وم : و ] : ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )[ الزمر : 3 ] كانوا يطمعون في شفاعة الأصنام التي يعبدونها ، والذين اتبعوهم يكونون لهم أولياء ، فأخبر أن ليس لهم أولياء على [ ما ][ من م ، ساقطة من الأصل ] ظنوا ، وحسبوا ، بل يكونون لهم أعداء كقوله : ( وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء )الآية[ الأحقاف : 6 ] وأمثاله كثير كقوله[ في الأصل وم : وكقوله ] : ( ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا )[ العنكبوت : 25 ] وكقوله : ( واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا )[ مريم : 81 ] أي لم يكن لهم ما طمعوا ، وكقوله[ في الأصل وم : وقوله ] : ( كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا )[ مريم : 82 ] صاروا لهم أعداء على ما ذكر .
ويحتمل ( وما كان لهم من دون الله من أولياء ) أي ما لا ينفعهم ولاية من اتخذوا أولياء كقوله : ( فمما تنفعهم شفاعة الشافعين )[ المدثر : 48 ] ونحوه .
وقوله تعالى : ( يضاعف لهم العذاب ) يدل على أن قوله : ( الذين يصدون عن سبيل الله )[ هود : 19 ] في الأئمة الذين صرفوا الناس عن دين الله لأنه أخبر أنه ( يضاعف لهم العذاب ) وهو يحتمل وجهين :
أحدهما : لما ضلوهم بأنفسهم ، والآخر لما صرفوا الناس عن دين الله .
وقوله تعالى : ( مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ ) قال المعتزلة : فيه وجهان[ في الأصل وم : وجهين ] :
أحدهما : أنهم كانوا يسمعون ، ويبصرون ، لكنهم قالوا : لا يستطيعون السمع ، ولا يبصرون استثقالا منهم لذلك ، وهو كما يقول [ القائل ][ ساقطة من الأصل وم ] : ما أستطيع أن أنظر إلى فلان ، ولا أسمع كلامه ، وهو ناظر إليه ، سامع كلامه . فعلى ذلك الأول ؛ كانوا يسمعون ، ويبصرون ، لكنهم كانوا يستثقلون السمع والنظر إليهم [ فنفى عنهم ][ في الأصل وم : فنفاهم ] ذلك .
والثاني : كانوا لا يستطيعون السمع ؛ أي كانوا كأنهم لا يستطيعون السمع ، ولا النظر ، وهو ما أخبر ( صم بكم عمي )[ البقرة : 18و171 ] كانوا يتصامون [ ويتعامون عن ][ ي م : ويتعامون ، ساقطة من الأصل ] الحق .
وأما عندنا فالجواب[ في الأصل وم : الجواب ] للتأويل : الأول : أنهم لا يستطيعون السمع وكانوا يبصرون . السماع سماع الرحمة ، والنظر إليه بعين الرحمة والقبول . فهم من ذلك الوجه كانوا لا يستطيعون .
والثاني : يحتمل سمع القلب وبصر القلب ، وهم كانوا لا يستطيعون السمع سمع القلب وبصر القلب كقوله : ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور )[ الحج : 46 ] .
وهذه الاستطاعة عندنا هي استطاعة الفعل لا استطاعة الأحوال ؛ إذ جوارحهم كانت سليمة صحيحة . فدل أنها الاستطاعة التي يكون بها الفعل لما ذكرنا .
وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه ( يضاعف لهم العذاب ) بما كانوا يستطيعون السمع . ثم سئل الحسن عن ذلك ، فقال : هو قول الله : ( الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا )[ الكهف : 101 ] إذا سمعوا الوحي تقنعوا في ثيابهم ، فلم يستطيعوا احتمال ذلك .
وفي حرف حفصة : وما كانوا يستطيعون السمع بالواو . وأما في حرف ابن مسعود فظاهر[ الفاء ساقطة من الأصل وم ] تأويله : ( يضاعف لهم العذاب ) بما كانوا يستطيعون السمع ، فلم يسمعوا عنادا وإبطالا .
وأصله : ما كانوا يستطيعون السمع المكتسب والبصر المكتسب عندنا . وما ذكر من السمع والبصر هو السمع المكتسب والبصر المكتسب لأن سمع الآخرة وحياتها مكتسبان[ من م ، في الأصل : مكتسبة ] ، وحياة الدنيا والسمع والبصر [ فيها ][ ساقطة من الأصل وم ] مخلوقة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.