تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦۚ قُلۡ إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِيٓ إِلَيۡهِ مَنۡ أَنَابَ} (27)

وقوله تعالى : ( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ) يحتمل سؤالهم الآية نفس الآيات التي أتت بها الرسل من قبل قومهم ، أو سألوا آيات سموها كقوله : ( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا [ من الأرض ينبوعا ) وكقوله ][ في الأصل وم : الآية ] ( أو يكون لك بين من زخرف )[ الإسراء : 90-93 ] إلى آخر ما ذكر من الآيات سألوها منه ، أو سألوه آيات تضطرهم ، وتقهرهم على الإيمان كقوله : ( إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين )[ الشعراء : 4 ] .

وفيه دلالة أنه لو شاء لأنزل عليهم آيات لآمنوا كلهم بها ، واهتدوا [ وأن ][ ساقطة من الأصل وم ] عنده أشياء لو أعطاهم لكان ذلك سبب اهتدائهم وتوحيدهم ، وكذلك لو أعطى أشياء لكان ذلك سبب كفرهم جميعا كقوله : ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر لبيوتهم سقفا من فضة ) الآية[ الزخرف : 33 ] لكنه لا ينزل الآية على شهواتهم وأمانيهم ، ولكن ينزل أشياء تكون عند التأمل[ في الأصل وم : التأويل ] والنظر حجة . فمن تأمل فيها ، وتفكر ، اهتدى[ في الأصل وم : لاهتدى ] ، وآمن بالاختيار ، ومن أعرض عنها ، ولم يتفكر ، ضل وزاغ بالاختيار .

ويحتمل[ الواو ساقطة من الأصل ] قوله : ( إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية ) أي إن نشأ إيمانهم واهتداءهم ننزل عليهم آية . وذلك تأويل قوله على إثر سؤالهم الآية : ( قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ) أي ينزل من الآيات ما يهتدي بها المنيب إليها والمقبل ، ويضل[ في الأصل وم : ويضر ] المعرض عنها والصادر بالاختيار ويكون اهتداؤهم باختيارهم وضلالهم باختيارهم لا [ باضطرارهم وقهرهم ][ في م : بالاضطرار والقهر ] . ألا ترى أنه قال : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ) ؟