تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَأَزۡوَٰجِهِمۡ وَذُرِّيَّـٰتِهِمۡۖ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَدۡخُلُونَ عَلَيۡهِم مِّن كُلِّ بَابٖ} (23)

ثم نعت تلك الدار ، فقال : ( جنات عدن يدخلونها ) قال أهل التأويل : ( عدن ) هو بطنان الجنة ، وهو وسطها . وقال بعضهم : ( عدن ) هو الإقامة ، أي جنات يقيمون فيها ، يقال : عدن أي أقام .

وقوله تعالى : ( وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ) فإن قيل : كيف خص بالذكر الآباء والأزواج والذرية ؟ وهم قد دخلوا في قوله : ( الذين يوفون بعهد الله )[ الآية : 20 ] وفي قوله : ( يصلون ما أمر الله به أن يوصل ) ( والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم )[ الآيتين : 21و22 ] فما معنى تخصيصهم بالذكر ؟ [ قيل ][ ساقطة من الأصل وم ] هذا يحتمل [ وجهين :

أحدهما ][ في الأصل وم : وجوها أحدها ] : أنهم أسلموا ، فاخترموا أي ماتوا لما أسلموا ، ولم يكن لهم مما ذكر من الخيرات والحسنان . فأخبر أن هؤلاء يدخلونها ، ويلحقون بأولئك .

والثاني : لم يبلغوا الدرجة التي بلغ أولئك ، فأخبر صلى عز وجل أنه يبلغهم درجة أولئك ، ويلحقهم بهم[ في الأصل وم : به ] كقوله : ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ) الآية[ الطور : 21 ] يضم بعضهم إلى بعض في الآخرة كما كانوا في الدنيا يضم كل ذي قرين في الدنيا قرينه إليه في الآخرة .

وفي قوله : ( ومن صلح من آبائهم ) إلى آخر ما ذكر ، وهو ما قال لنوح : ( إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح )[ هود : 46 ] دل هذا أن صلاح والده أو قريبه لا يجدي له نفعا في الآخرة ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ) هذا يحتمل [ وجهين :

أحدهما ][ ساقطة من الأصل وم ] : أن يكون لمقامهم ومنازلهم أبواب ، فيدخل عليهم من كل باب ملك .

والثاني[ أدرج بعدها في الأصل وم : يحتمل ] : أن يكون يأتي كل ملك بالتحفة التي أتى بها الآخر على اختلاف خيراتهم وقد أعمالهم من كل باب أي من كل نوع من التحف . وفيه وجهان :

أحدهما : أن الملائكة يكونون خدم أهل الجنة ، وفي ذلك تفضيل عليهم .

[ والثاني : أن يكونوا ][ في الأصل وم : أو أن يكون ] : على حق المصاحبة لما أحبوا هم أهل الخير من البشر في الدنيا ، فجعل الله بينهم الرفقة والصحبة في الآخرة ، والله أعلم بذلك .