تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطۡمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئِنُّ ٱلۡقُلُوبُ} (28)

( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ) ؟ وهو القرآن الذي أنزله على رسوله ، وهو وصف المقبل المنيب إلى ذكر الله ، تسكن ، وتطمئن قلوبهم بالتأمل والتفكر فيه[ في الأصل وم : فيها ] .

وأصله أن الله عز وجل شاء هداية[ في الأصل وم : اهتدى ] من علم أنه يختار الاهتداء والإيمان ، وشاء ضلال من علم أنه يختار فعل الضلال والزيغ ، يشاء لكل لما علم أنه يختار ذلك .

وقوله تعالى : ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) وتسكن إليه . وقال بعض أهل التأويل : هو في الحلف في الخصومات ؛ ألا ترى في الحلف بالله تطمئن ، وتسكن قلوب الذين آمنوا ، لا تطمئن بالحلف بغير الله . وقال بعضهم : ألا بالقرآن وبما في القرآن من الثواب تسكن ، وتطمئن قلوب الذين آمنوا .

ويشبه أن يكون قوله : ( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ) أن[ في الأصل وم : أي ] تفرح ، وتستبشر قلوب الذين آمنوا بذكر الله ، ألا بذكر الله تستبشر ، وتفرح قلوب الذين آمنوا ؛ لأنه ذكر في الكفرة الفرح بالحياة الدنيا ، وهو قوله : ( وفرحوا بالحياة الدنيا )[ الآية : 26 ] واطمأنوا بها ، وذكر في المؤمنين الاستبشار والفرح بذكر الله ، وفي أولئك ذكر أن قلوبهم تشمئز بذكر الرحمن ، وتستبشر بذكر من دونه ، وهو قوله : ( وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون )[ الزمر : 45 ] أخبر عز وجل أن قلوب المؤمنين تستبشر ، وتفرح بذكر الله ، وقلوب أولئك تشمئز [ بذكر الله ][ ساقطة من الأصل وم ] وتستبشر بذكر [ من ][ ساقطة من الأصل وم ] دونه .

وقوله تعالى : ( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ) يخرج على وجهين :

أحدهما : ( وتطمئن قلوبهم بذكر الله ) لهم ، وذكر الله لهم التوفيق والتسديد والعصمة [ ونحو ذلك ][ في الأصل وم : ونحوه ] .

والثاني : ( وتطمئن قلوبهم بذكر الله ) وذكرهم الله [ ذكر ][ ساقطة من الأصل وم ] إحسانه وعظمته وجلاله [ ونحو ذلك ][ في الأصل وم : ونحوه ] .