وقوله تعالى : ( اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ) يرغبهم في ما عنده ، ويؤيسهم عما في إيدي الخلق ، ويقطع رجاءهم عن ذلك ، لأن الذي كان يمنعهم عن الإيمان ، ويحملهم على تكذيب الرسل وترك الإجابة ، هذه الأموال التي كانت في أيدي أولئك ، وبها رأوا دوام الرئاسة والعز والشرف لهم في هذه الدنيا ، فقال : هو الباسط لذلك ، القادر [ على ][ ساقطة من الأصل وم ] أولئك ، هو يوسع على من يشاء ، ويقتر على من يشاء ، ليس ذلك إلى الخلق .
وذكر أنه يبسط الرزق لمن يشاء من أوليائه وأعدائه ، ويقتر على من يشاء من أعدائه وأوليائه ، ليعلموا أن التوسع في الدنيا أو البسط لا يدل على الولاية ، ولا التقتير والتضييق [ يدل ][ ساقطة من الأصل وم ] على العداوة ، ليس كما يكون في الشاهد يوسع على الأولياء ، ويبسط ويضيق على الأعداء ، لأن التوسع في الدنيا والتضييق بحق المحبة في الآخرة بحق الجزاء ، ويسوي في المحنة الولي والعدو ، ويجمع بينهما في المحنة ، ويفرق بينهما في الجزاء .
وقوله تعالى : ( وفرحوا بالحياة الدنيا ) يحتمل قوله : ( وفرحوا بالحياة الدنيا ) صلة ما تقدم ، وهو قوله : ( والذين ينقضون عهد الله ) إلى قوله : ( ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل )[ الرعد : 25 ] ويفرحون بالحياة الدنيا .
ثم الفرح يحتمل وجوها : يحتمل ( وفرحوا بالحياة الدنيا ) أي رضوا بها كقوله : ( ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها )[ يونس : 7 ] أو ( وفرحوا بالحياة الدنيا ) سرورا بها .
فإن قيل : إن المؤمن قد يسر بالحياة الدنيا ، قيل : يسر ، ولكن لا يلهيه[ من الأصل وم : يلهي ] سروره بها ، ولا يغفل عن الآخرة .
وأما الكافر فإنه[ في الأصل وم : فإنها ] لشدة سروره بها وفرحه عليها يلهو عن الآخرة وعن جميع الطاعات . وهكذا يعرف الناس أنه إذا اشتد بالمرء السرور بالشيء فإنه يلهو عن غيره ، ويغفل عنه .
أو يكون قوله : ( وفرحوا ) أي أشروا ، وبطروا كقوله تعالى : ( إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين )[ القصص : 76 ] والفرح هو[ في الأصل وم : وهو ] الأشر أو البطر ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ ) تأويله ، والله أعلم ، أي ما الحياة الدنيا مع طول تمتعهم بها [ بمقابلة تمتع ][ في الأصل : يتمنع ، في م : تمنع ] الآخرة إلا كمتاع ساعة أو كمتاع بشيء يسير ، وهو كقوله : ( لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها )[ النازعات : 46 ] وكقوله : ( لم يلبثوا إلا ساعة من النهار )[ يونس : 45 ] يظنون مع طول ما متعوا في هذه الدنيا عند متاع الآخرة كأنهم ما متعوا بها إلا ساعة .
فعلى ذلك قوله : ( وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع ) وهو ما ذكرنا في موضع آخر : ( فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل )[ التوبة : 38 ] عند متاع الآخرة [ لأن متاع الآخرة ][ من م ، ساقطة من الأصل ] ونعيمها دائم متصل غير منقطع ، لا يشوبه آفة ولا حزن ولا خوف ، ومتاع الدنيا منقطع غير متصل مشوب بالآفات والأحزان ، لذلك [ كان ][ من م ، ساقطة من الأصل ] قليلا عند متاع الآخرة ونعيمها .
وقال بعض أهل التأويل : ( وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع ) أي إلا لهو وباطل ، لكن الوجه فيه ما ذكرنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.