تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (94)

الآية 94 : وقوله تعالى : { فاصدع بما تؤمر } كقوله{[9999]} : { فاستقم كما أمرت } ( هود : 112 ) فهو في كل ما أمر به . وقال بعضهم : { فاصدع } أي امض { بما تؤمر } من تبليغ الرسالة { واعرض عن المشركين } أي اعرض عن مكافأتهم ، والله أعلم .

امض على ما تؤمر ، من تبليغ الرسالة إليهم ، ولا تخفهم ، ولا تهبهم ، ولا يمنعك شيء عن تبليغ الرسالة : الخوف ولا القرابة ولا شيء من ذلك . ولكن امض على ما تؤمر ، هو كما قال : { ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى } ( المائدة : 8 ) وقال : { كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم } ( النساء : 135 ) أي لا يمنعكم عن القول بالحق والعدل بغضكم إياهم ولا قرابتكم .

فعلى ذلك قوله : { فاصدع بما تؤمر } أي امض على ما أمرت من تبليغ الرسالة ، ولا يمنعك عن ذلك الخوف والوعيد والقرابة التي بينك وبينهم .

وقال القتبي : { فاصدع بما تؤمر } أي أظهر . صدع : أظهر ذلك . وأصله : الفرق والفتح ، يريد اصدع الباطل بحقك حتى يأتيك الموقن به ، وهو الموت .

وقال أو عوسجة : { فاصدع } أي امض { بما تؤمر } على ما تؤمر ، وصدعت أي مضيت ، وذلك من المضي . وأصل : هذا كله الشق ، ويقال : تصدعوا ، أي تفرقوا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { واعرض عن المشركين } أي أعرض عن مكافآتهم ، فأنا أكافئهم عنك على ما آذوك . وقال بعض أهل التأويل : قوله : { واعرض عن المشركين } هو منسوخ بآية السيف لكن على الوجه{[10000]} الذي ذكرنا ليس بمنسوخ . ويحتمل : { واعرض عن المشركين } إن كان أراد به القتال والدعاء إلى التوحيد فهو في وقت ( دون وقت أو ){[10001]} في قوم خاص ؛ علم الله أنهم لا يجيبونه ، ولا يؤمنون به ، وإياس{[10002]} رسوله ( من ){[10003]} إيمانهم ، فقال : أعرض ( عن ){[10004]} هؤلاء ، ولا تشتغل بهم ، ولا تدعوهم ، فإنهم لا يؤمنون ، ولكن ادع قوما آخرين ، والله أعلم .


[9999]:في الأصل: أي، في م: أي استقم كما تأمر.
[10000]:من م، في الأصل: وجه.
[10001]:من م، في الأصل: أي.
[10002]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[10003]:من م، ساقطة من الأصل.
[10004]:من م، ساقطة من الأصل.