تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَا تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ هَٰذَا حَلَٰلٞ وَهَٰذَا حَرَامٞ لِّتَفۡتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ لَا يُفۡلِحُونَ} (116)

الآية : 116 وقوله تعالى : { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب } ، يحتمل : أي : لا تعودوا إلى ما وصفت ألسنتكم من الكذب { هذا حلال وهذا حرام } و{[10564]} ، ولا تقولوا الكذب الذي ( تصف {[10565]} ألسنتكم { هذا حلال وهذا حرام } .

وعن ابن عباس . رضي الله عنه ( أنه ) {[10566]} قال : لا تقولوا لما أحللتموه { هذا حلال } ، ولما حرمتموه { وهذا حرام } ، وهو كقوله : { قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق } ( يونس : 59 ) .

وفي هذه الآية دلالة ألا يسع لأحد أن يقول : هذا مما أحله الله ، وهذا مما حرمه الله إلا بإذن من الله ، ومن يقل {[10567]} بأن الأشياء في الأصل على الإباحة أو على الحظر فهو مفتر بذلك على الله الكذب ؛ لأن الله لم يأذن له أن يقول ذلك ، بل نهاه عن ذلك مما ذكرنا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { لتفتروا على الله الكذب } ، أي : تكونون {[10568]} مفترين على الله الكذب إذا قلتم هذا . فإن قيل : كيف سماهم مفترين على الله بتسميتهم الحرام حلالا والحلال حراما ؟ قيل : لأن التحليل والتحريم والأمر والنهي ربوبية ، فإذا حرما شيئا أحله الله ، وأحلوا شيئا حرمه الله ، فكأنهم على الله افتروا أنه حرم ، أو أحل ، أو حرموا هم ، أو أحلوا ، فأضافوا ذلك إلى الله تعالى أنه هو الذي حرم ، أو أحل ، فقد افتروا على الله ؛ لأن من أحل شيئا ، حرمه الله ، أو حرم شيئا ، أحله الله ، فقد كفر . وليس من انتفع بالمحرم ، أو ترك الانتفاع بالمحلل كافرا{[10569]} ، إنما يصير آثما مجرما ، وكذلك تارك الأمر ومرتكب النهي .

وقوله تعالى : { إن الذين يفترون على الله الكذب } في تحليل ما حرم الله عليهم وفي تحريم ما أحله ، وقولهم : { والله أمرنا بها } ( الأعراف : 28 ) .

وقوله تعالى : { لا يفلحون } ، أي : { لا يفلحون } وهم مفترون على الله ، وأما إذا انتزعوا ( أنفسهم ){[10570]} من الافتراء ، وتابوا ، أفلحوا . أو { لا يفلحون } في الآخرة إذا كانوا مفترين على الله في الدنيا .


[10564]:في الأصل وم: وأن.
[10565]:ساقطة من الأصل وم.
[10566]:ساقطة من الأصل وم.
[10567]:في الأصل وم: يقول.
[10568]:في الأصل وم: تكونوا.
[10569]:في الأصل وم: كفرا.
[10570]:ساقطة من الأصل وم.