تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا قَرۡيَةٗ كَانَتۡ ءَامِنَةٗ مُّطۡمَئِنَّةٗ يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدٗا مِّن كُلِّ مَكَانٖ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ} (112)

الآية : 112 وقوله تعالى : { وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة } ، اختلف في ضرب المثل بهذه الآية وفي نزولها : قال بعضهم : ضرب المثل لأهل مكة ، وفيها نزلت بِفَرْيَات ؛ نزل بهم العذاب بتكذيبهم رسلهم في بني إسرائيل ؛ يحذر أهل مكة بتكذيبهم رسول الله نزول العذاب بهم كما نزل بأوائلهم .

وقال بعضهم : ضرب المثل لأهل المدينة ( إذ نزل العذاب ){[10548]} بأهل مكة ؛ يحذر أهل المدينة لئلا يكذبوا محمدا كما كذب أهل مكة ، فيحل بهم ما{[10549]} حل بأهل مكة من لباس الجوع والخوف بالتكذيب .

وقوله تعالى : { قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان } ، قيل : هي مكة ، وهكذا كانت مكة ؛ أهلها كانوا آمنين فيها من خير أو شر ، مطمئنين ، يأتيهم رزقهم من كل مكان . ويحتمل قرية غيرها ( كان أهلها ){[10550]} على ما ذكر .

وقوله تعالى : { فكفرت بأنعم الله } ، أي : كفرت بالشكر لأنعم الله ، أي : لم يشكروها ، ليس أنهم لم يروها من الله تعالى .

وقوله تعالى : { فأذاقها الله لباس الجوع و الخوف } ، اللباس : هو ما يستر وجوه الجواهر . ألا ترى أنه سمى الليل { لباسا } ( الفرقان : 47 و النبأ : 10 ) ، لما ستر وجوه الأشياء . فعلى ذلك الجوع ، يرفع الستر واللباس الذي كان قبل الجوع ؛ لأن الجوع إذا اشتد غير وجه صاحبه ، ورفع ستره . والجوع : ما ذكر أنه أصابهم جوع حتى أكلوا الكلاب والجيف والعظام المحترقة . والخوف : ذكر أنه بعث رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم إليهم .

ألا ترى أن قال : ( نصرت بالرعب مسيرة / 294 – أ / شهرين ) ؟ ( الطبراني : في الكبير 11056 ) وقيل : الخوف : القتل .

وقوله تعالى : { رغدا } ، قال الكسائي : أرغد الرجل إذا أصاب مالا أو عيشا من غير عناء وكد .

وقال القتبي : { رغدا } ، أي : كثيرا واسعا .


[10548]:في الأصل وم: وفيهم نزل.
[10549]:في الأصل وم: كما.
[10550]:في الأصل وم: كانوا.