تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدۡنَٰهُمۡ عَذَابٗا فَوۡقَ ٱلۡعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفۡسِدُونَ} (88)

الآية : 88 وقوله تعالى : { الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون } ، قال بعضهم : هؤلاء كانوا رؤساء الكفرة وقادتهم ، ضلوا هم بأنفسهم ، وأضلوا أتباعهم ، فلهم العذاب الدائم بكفرهم بأنفسهم ، وزيادة العذاب بإضلال غيرهم . وهي كقوله : { ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم } ( النحل : 25 ) وكقوله : { وليجعلن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم } الآية ( العنكبوت : 13 ) أخبر أنهم يحملون أوزارهم وأثقالهم وأوزار الذين أضلوهم ، ومنعوهم عن الإسلام . فعلى ذلك قوله : { زدناهم عذابا فوق العذاب } ، بما أضلوا أتباعهم ، وسعوا في الأرض بالإفساد ، وهو قول أبي بكر الأصم .

وقال بعضهم : إن عذابهم كلما أراد أن يفتر ، ونضجت {[10414]} الجلود ، زيدت لهم بتبديل الجلود ، ( النار ، وكلما ) {[10415]} أرادت أن تخمد ( النار ){[10416]} زيد لهم سعيرها{[10417]} ، كقوله : { بدلناهم جلودا غيرها } ( النساء : 56 ) ، وقوله : { كلما خبت زدناهم سعيرا } ( الإسراء : 97 ) ، فذلك هو الزيادة في العذاب .

ويحتمل غير هذا ، وهو أن عذاب الكفر دائم أبدا ، فيزداد لهم عذابا بما كان لهم في الكفر سوى الكفر أعمال ومساوئ ، كما يعفى ويتجاوز عن المؤمنين بما كان منهم من المساوئ كقوله : { أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا } ( الأحقاف : 16 ) ، مقابل ما كان يعفى عن المؤمنين المساوئ ، يزداد{[10418]} لأهل الكفر على عذاب الكفر لمساوئهم .

وفي حرف ابن مسعود : زدناهم عذابا ضعفا بما كانوا يفسدون .

وأصله أن جزاء الآخرة من الثواب والعذاب على المضاعفة ؛ لأنه دائم ، لا انقطاع له ، ما ذكرنا من الزيادة والفوق وغيره على المضاعفة .


[10414]:في الأصل وم: ينضج.
[10415]:في الأصل وم: نارها كلما.
[10416]:ساقطة من الأصل وم.
[10417]:في الأصل وم: سعيرا.
[10418]:في الأصل وم: زيد.