الآية : 80 وقوله تعالى : { والله جعل لكم من بيوتكم سكنا } ، ظاهر هذا أنه قد جعل لنا من البيوت أيضا ما ليس بسكن ؛ لأنه قال : { جعل لكم من بيوتكم سكنا } ، هو ما ذكر في قوله : { ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة } ( النور : 29 ) ، وهو كالمساجد والرِّبَاطَات وغيرها .
ويشبه أن يكون ذكر هذا ليعرفوا عظيم مننه ونعمه حين {[10382]} جعل الأرض بمحل ، يقرون عليها ، ويمكن لهم المقام بها بالرواسي التي ذكر أنه أثبتها{[10383]} فيها بعد ما كانت تميد بهم ، ولا ( يقرون عليها ){[10384]} .
أخبر أنه ( جعل ){[10385]} فيها رواسي ، أو أن يكون { من } حرف صلة ، أي : جعل لكم بيوتا تسكنون فيها .
ثم قوله : { جعل لكم من بيوتكم سكنا } ، يحتمل وجهين :
أحدهما : أي : سخر الأرض حتى قدرتم على اتخاذ المساكن فيها ، تسكنون فيها .
والثاني{[10386]} : جعل لكم بيوتا ، أي : علمكم{[10387]} ما تبنون فيها من البيوت ، ما لولا تعليمه إياكم ما تقدرون على بناء البيوت فيها ، يذكر منته عليهم ، والله أعلم .
وفي هذه الآيات في قوله تعالى : { والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا } ، ونحوه دلالة نقض قول المعتزلة : لأنه ذكر أنه جعل بيوتا سكنا ، والسكن فعل العباد . دل أن لله في فِعلهم صنعا .
( وقوله تعالى ){[10388]} : { وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا } ، قال أهل التأويل : { وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا } ، أي : من صوفها ، لكنه أضافها إلى الجلود لما من الجلود يُخرَجُ ( الصوف ){[10389]} ، ومنها يجز ، ويؤخذ ، وهو ما ذكر ، { ومن أصوافها } ، وهو صوف الغنم ، { وَأََوبَارِها } ، وهو صوف الإبل ، { وأشعارها } ، ما يخرج من المعز .
( وقوله تعالى ){[10390]} : { تستخفونها يوم ظعنكم } ، قيل : ليوم سفركم وسيركم . { ويوم إقامتكم } ، وليوم إقامتكم .
قال ( بعض أهل التأويل ){[10391]} : في المصر ، وقال بعضهم : في السفر حين النزول .
والجَعْلُ في هذا يحتمل الوجهين اللذين ذكرنا في قوله : { والله جعل لكم من بيوتكم سكنا }
والثاني : على التعليم . ذكر سبحانه وتعالى في البيوت المتخذة من المدر السكنى ، حين {[10392]} قال : { من بيوتكم سكنا } ، ولم يذكر في البيوت المتخذة من الجلود والأوبار والأشعار . فكأنه ترك ذكره في هذا لذكره في الأول تصريح ، وذكر في الثاني : ذكر دلالة .
وقوله تعالى : { أثاثا } ، قيل : الأثاث والرياش واحد ، وهو المال ، وقيل : ما يتخذ من الثياب والأمتعة .
وقوله تعالى : { ومتاعا إلى حين } ، يحتمل{ إلى حين } : إلى وقت يَبْلَى ذلك الأثاث ، أو { إلى حين } : وقت فنائهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.