تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِۖ وَمَن يُضۡلِلۡ فَلَن تَجِدَ لَهُمۡ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِهِۦۖ وَنَحۡشُرُهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمۡ عُمۡيٗا وَبُكۡمٗا وَصُمّٗاۖ مَّأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ كُلَّمَا خَبَتۡ زِدۡنَٰهُمۡ سَعِيرٗا} (97)

الآية97 : وقوله تعالى : { ومن يهد الله فهو المهتد } أي{[11256]} من وفق الله لقبول ما كان ( له ){[11257]} من الهدى ، وعصمه عما وسوس إليه الشيطان فهو المهتدي عند الله وعند من عقل الهدى { ومن يضلل } أي من خذله ، ولم يعصمه حتى يقبل من الشيطان ما جاء به من وساوسه ، فهو ضال { فلن تجد لهم أولياء من دونه } يحتمل { فلن تجد لهم أولياء من دونه } يهدونهم لدينهم ، ويوفقونهم . أو لن تجد لهم أولياء ينصرونهم من دونه ، ويدفعون عنهم ما نزل بهم من العذاب ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ونحشرهم يوم القيامة علة وجوههم عميا وبكما وصنما } قال الحسن : يحاسبون حتى يعلموا سوء صنيعهم الذي صنعوا في الدنيا ، ثم يحشرون إلى جهنم ( على ){[11258]} ما ذكر عميا وبكما وصما ، أو كلاما{[11259]} نحو هذا .

ثم يحتمل قوله { الذين يحشرون على وجوههم } ( الفرقان : 34 ) ما ذكر في آية أخرى : { يوم يحسبون في النار على وجوههم }( القمر : 48 )وقوله : { أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب } الآية ( الزمر : 24 ) إنما يتقي بوجهه لما تكون أيديهم مغلولة إلى أعناقهم .

وقوله تعالى : { عميا وبكما وصما }هذا يحتمل ( وجوها :

أحدهما سماهم ){[11260]} عميا وبكما وصما لذهاب منافع هذه الحواس ولذتها في الآخرة ، ليس على حقيقة ذهابها ، لكن حال بينها{[11261]} وبين الانتفاع بما ما ذكر{ لهم من فوقهم ظلل } الآية : ( الزمر : 16 ) فتلك الطلل تحول بينها وبين رؤية الأشياء .

( والثاني ){[11262]} : سماهم في الدنيا عميا وبكما وصما ، ليس على حقيقة ذهاب ( أعين الحواس ){[11263]} ، ولكن لما لم ينتفعوا بهذه الحواس في الدنيا ، ولم يستعملوها في ما أمروا في استعمالها ، نفى ذلك عنهم . فعلى ذلك في الآخرة .

و( الثالث ){[11264]} : يحتمل على حقيقة ذهاب أعين هذه الحواس عقوبة لما لم يستعملوها/310-أ/في الدنيا لما له خلقت كقوله : { قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا }( طه : 125 ) .

وقوله تعالى : { مأواهم جهنم } أي مقامهم جهنم ، وإليها يأوون .

وقوله تعالى : { كلما خبت زدناهم سعيرا } قال ( بعضهم ){[11265]} : يخمد لهبها من غير أن يذهب وجع ما أصابهم ، ثم يزداد لهم سعيرا .

وقال بعضهم : { كلما خبت }أي نضجت جلودهم ، وسكنت النار{ زدناهم سعيرا }أي نعود بنار على ما كانت ، وجعلت تلتهب ، وتستعر كقوله : { كلما نضجت جلودهم }( النساء : 56 ) .

وقال بعضهم : وذلك أن النار إذا أكلتهم ، فلن يبق غير العظام ، وصاروا فحما ، سكنت النار ، فهو الخبو{[11266]} ثم بدلوا جلودا غيرها جددا لها ، فتكون وقودا لها ، والله أعلم ، وكله واحد .

وقال بعضهم : { كلما خبث } أي كلما أحرقتم النار ، فصاروا رمادا ، خلقوا لها خلقا جديدا ، فتعاودوهم النار ، فتحرقهم . وذلك قوله : { زدناهم سعيرا } وهو قول الله : { لا تبقي ولا تدر } ( المدثر : 28 ) لا تبقي منهم شيئا إذا أخذت حتى تحرقهم .


[11256]:من م، في الأصل : أن.
[11257]:ساقطة من الأصل و.م.
[11258]:ساقطة من الأصل و.م.
[11259]:في الأصل و.م : كلام.
[11260]:في الأصل و.م: بوجهين أحدهما : أسمائهم.
[11261]:من م، في الأصل: بينهما.
[11262]:في الأصل و.م: و.
[11263]:في الأصل و.م: و.
[11264]:في الأصل و.م: أعينها.
[11265]:ساقطة من الأصل و.م.
[11266]:في الأصل و م : الخبت.