تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَوۡ يَكُونَ لَكَ بَيۡتٞ مِّن زُخۡرُفٍ أَوۡ تَرۡقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤۡمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيۡنَا كِتَٰبٗا نَّقۡرَؤُهُۥۗ قُلۡ سُبۡحَانَ رَبِّي هَلۡ كُنتُ إِلَّا بَشَرٗا رَّسُولٗا} (93)

الآيتان92و93 : ثم بين أن أسئلتهم التي سألوها سؤال تعنت وعناد ، لا سؤال استرشاد وحاجة ما ذكر في قولهم : { أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا } وقولهم {[11231]} : { أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا تقرؤوه } .

دل هذا كله سؤالهم إياه كله سؤال معاندة ، لا سؤال استرشاد واستهداء ، لأنه لو كانوا يسألون ما يسألون سؤال استرشاد واستهداء لكانوا لا يسألون إسقاط السماء عليهم ؛ إذ لا منفعة لهم في ذلك ، وإن في سؤالهم الجنة منفعة . يذكر سفه القوم وتعنتهم وسوء معاملتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ثم الحكمة والفائدة ( في سؤالهم ){[11232]} قرآنا يتلى إلى يوم القيامة ليعرف المتأخرون معاملة السفهاء ، إذ بلوا بهم ، أن كيف ( يعاملونهم حتى يعاملوهم مثل ){[11233]} معاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقوله تعالى : { قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا } أمره أن يُنَزَّهَ ربه عن أن يكون لأحد الاحتكام عليه والحكم ، والذي سألوه احتكام{[11234]} منهم على الله .

وفي قوله : { قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا } يُنَزَّهَ ربه عن أن يملك سواه ما سألوه من إتيان الجنة ، وغير ذلك مما{[11235]} ذكر في الآية ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { هل كنت إلا بشرا رسولا } أي هل كنت إلا بشرا كغيري{[11236]} من الرسل الذين كانوا من قبل من البشر ، فلم يسألوا هم بمثل الذي تسألونني أنتم من الأسئلة .

أو إن تسألوا ذلك فلن تجابوا كقوله : { أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل }( البقرة : 108 ) .

أو يكون قوله : { هل كنت إلا بشرا رسولا } أي ليس للرسول أن يعترض على الرسل بشيء ، إنما على الرسول تبليغ ما أرسل ، وأمر بتبليغه . أو يقول : إني لا أملك عما تسألونني سوى تسبيح ربي وتنزيهه .

وقوله تعالى : { قل سبحان ربي } أي تعاظم ربي ، وتعالى ، عن أن يكون لعباده عليه احتكام/309-ب/واختيار .

وقال أبو عوسجة والقتبي : الينبوع العين ، والينابيع جمع ، والكِسْفَةُ القطعة ، والكِسْفُ جمع . وقال غيرهما : الكِسْفُ بالجزم عذاب . و{ كسفا } مثل قطعا ، والله أعلم .


[11231]:في الأصل و.م: وقوله.
[11232]:في م: في جعل سفههم، ساقطة من الأصل.
[11233]:في الأصل: يعاملون، في م: يعاملونهم.
[11234]:في الأصل و.م : احتكامهم.
[11235]:في الأصل و.م: ما.
[11236]:في الأصل و.م : كغيره.