الآية 76 : وقوله تعالى : { وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها } قال الحسن : قوله : { ليستفزونك } أي ليقتلونك ، أو ليخرجونك منها بالقتل . وقد كانوا هموا قتله ، لكن عصمه الله عن ذلك بقوله : { والله/307-أ/يعصمك من الناس } ( المائدة : 67 ) .
وقوله تعالى : { وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا } هكذا سنة الله في الأمم الخالية ؛ إنهم إذا قتلوا نبيهم لم يلبثوا بعده إلا قليلا حتى أهلكوا .
وقال بعضهم : هو على الإخراج نفسه ، إلا أن الله عز و جل أخرجه هجرة إلى المدينة لما سبق من رحمته وفضله ، أي لا يهلك هذه الأمة إهلاك استئصال . فلو كانوا هم أخرجوه لاستوجبوا به الإهلاك لما كان من سنته في الأولين إهلاكهم إذا أخرجوا رسولهم من بينهم .
وقال بعضهم : هو على حقيقة الإخراج منهم ؛ أخرجوا رسول الله من بينهم ، وفعلوا ذلك ، فلم يلبثوا بعده إلا قليلا حتى أهلكهم الله بالقتل يوم بدر وغيره ، وهو ما قال : { وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم } ( محمد : 13 ) ففيه دلالة أنهم أخرجوه ، وأنهم أهلكوا بذلك . وكذلك كانت سنة الله في الرسل إذا فعل بهم قومهم مثل ذلك .
وقال أهل التأويل في قوله : { وإن كادوا ليستفزونك }أي يستنزلونك من أرض المدينة حيث نزل بالمدينة .
قالت اليهود : إن هذه الأرض ليست بأرض الأنبياء والرسل ، إنما أرض الأنبياء والرسل أرض الشام ، فإن كنت نبيا رسولا فاخرج إليها ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متوجها إلى الشام ، فَعَسْكَرَ على رأس أميال لينساب إليه أصحابه ، فنزل به جبريل بهذه الآية .
لكن ذكرنا أن هذا وأمثاله ، لا يَحتَمِلُ ، لأنه لا يجوز أن يخرج رسول الله من أرض المدينة على أرض الشام بقول أولئك اليهود من غير أن كان من الله إذن له في ذلك . هذا ، لا يُحْتَمَلُ ، ولا يُتَوَهَّمُ منه ذلك . والوجه فيه ما ذكرنا ، والله أعلم .
ويشبه أن يكون قوله : { وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك } ( الإسراء : 73 ) أي كادوا يفتنونك بالمكر والخديعة لك { ليستفزونك من الأرض }لا لأنهم{[11126]} كانوا يطمعون يفتنونك ، ويضلوه عن الذي أوحي على التصريح والإفصاح ، ولكن على جهة المكر والخديعة ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.