تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لِّكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكًا هُمۡ نَاسِكُوهُۖ فَلَا يُنَٰزِعُنَّكَ فِي ٱلۡأَمۡرِۚ وَٱدۡعُ إِلَىٰ رَبِّكَۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدٗى مُّسۡتَقِيمٖ} (67)

الآية 67 : وقوله تعالى : { لكل أمة جعلنا منسكا }اختلف في المنسك . قال بعضهم : { منسكا } ( دينا ){[13214]} أي جعلنا لكل أمة دينا ، يدعون إليه ، أي كل أمة تدعى إلى دين واحد ، وهو قول الحسن .

وقال بعضهم : { لكل أمة منسكا }أي شريعة . فهذا على الاختلاف ، أي جعلنا لكل أمة شريعة على حدة{ هم ناسكوه }ذلك كقوله : { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا }( المائدة : 48 ) .

وقال عامة أهل التأويل : { منسكا }أي ذبائح وعيدا . قالوا ذكر هذا ، والله أعلم ، لأن من الناس من ينكر أن يكون الذبح شريعة الله . فأخبر أن الذبح سنة الله وشريعته في الأمم كلها . ليس على ما قالت الثَنَوِيَّةُ .

وقوله تعالى : { فلا ينزعنك في الأمر }على تأويل{[13215]} من يقول : إن المنسك هو الدين ، أي لا يخالجنك في نفسك ( شك ){[13216]} أن الذي أنت عليه ، هو دين الله ، وادع الناس إليه .

وعلى تأويل من ( يقول : ){[13217]} هو الذبح يقول : { فلا ينزغنك }أي لا يصدنك عن الذبح من ينكر ذلك كقوله : { ولا يصدنك عن آيات الله }( القصص : 87 ) .

وقوله تعالى : { وادع إلى ربك }أي ادع إلى توحيد ربك . أو يكون قوله : { وادع إلى ربك }إلى عبادة ربك ، وأنههم عن عبادة من دونه .

وقوله تعالى : { إنك لعلى هدى مستقيم }هذا يدل أن التأويل الذي ذكرنا في المنسك ، وهو الدين ، أشبه ، وأقرب ، لأنه ذكر{ إنك لعلى هدى مستقيم }فلا يتخالجن في نفسك شك في ذلك ، والله أعلم .


[13214]:ساقطة من الأصل وم.
[13215]:في الأصل وم: التأويل.
[13216]:ساقطة من الأصل وم.
[13217]:ساقطة من الأصل وم.