تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ وَأَنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} (10)

الآية 10 : وقوله تعالى : ]ولولا فضل الله عليكم ورحمته[ هذا الحرف مما يقتضي الجواب . ثم يحتمل أن يكون جوابه ]ولولا فضل الله عليكم ورحمته[ لأظهر الكاذب منهما والصادق والمذنب من غيره .

ويحتمل : ]ولولا فضل الله عليكم ورحمته[ لأظهر الملعون منهما من غيره ، لكن لا ينتفع به ، إذ أحدهما مما لحقه اللعن الذي ذكره ، ولا يحل الانتفاع بالملعون .

ألا ترى أنه روي في الخبر أن امرأة ركبت ناقتها ، فلعنتها{[13749]} ، فاستجيب ، فأمرت أن ترفع ثيابها ، وتخلي سبيلها . لكن بفضل الله ورحمته ستر على الملعون حتى يجوز لغيره أن ينتفع به ، وإن كان لا يجوز لواحد منهما أن ينتفع بصاحبه ما دامت اللعنة فيهما قائمة ؟

وجائز أن يكون وجه آخر ، وهو أن يقال : ]ولولا فضل الله عليكم ورحمته[ لأظهر الملعون منهما ، وإلا لجعل العقوبة بين الزوجين كهي في الأجنبيين ، وهي الحد ، والأظهر ( الزاني منهما ){[13750]} . لكن بفضله لم يجعل ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ]وأن الله تواب حكيم[ جائز أن يكون ( قوله ){[13751]} ]تواب[ يقبل التوبة ، إذا تاب ، وأكذب نفسه ، فيرفع اللعن عنهما بالتوبة . فإذا رفع اللعن جاز لهما الانتفاع والاجتماع بينهما .

ففيه حجة لقول أبي حنيفة ومحمد ، رحمهما الله ، في جواز نكاحهما إذا أكذب نفسه/364- أ/ .

وقوله تعالى{[13752]} : ]حكيم[ حين{[13753]} حكم بما حكم بين المتلاعنين ، أو ]حكيم[ حين{[13754]} وضع كل شيء موضعه . وفيه نقض قول المعتزلة في قولهم : إن الله لا يفعل بأحد إلا ما هو أصلح له في الدين . وأخبر أنه{[13755]} لو لم يكن له أن يفعل غير الذي فعل ، لم يكن لتسميته ما فعل فضل{[13756]} ولا معنى . فدل له أن يفعل غير الأصلح في الدين .


[13749]:في الأصل وم: فلعنت.
[13750]:في الأصل: الزنا منهما، في م: الزاني.
[13751]:ساقطة من الأصل وم.
[13752]:ساقطة من الأصل وم.
[13753]:في الأصل وم:حيث.
[13754]:في م:حيث، ساقطة من الأصل.
[13755]:في الأصل وم: إذ.
[13756]:في الأصل وم: فضلا.