سورة النور كلها{[1]} مدنية
الآية 1 : قوله تعالى : { سورة أنزلناها } سماها سورة ، وجعل تلاوتها سورة ، ولم يجعل لغيرها من السور{[13608]} التلاوة كما جعل لهذه{[13609]} .
فجائز ذلك لكثرة ما فيها من الأحكام ومن{[13610]} الفرائض والآداب ما بالناس إلى ذلك حاجة ، أو لمعنى ( لم يذكره ، أو لا لمعنى ){[13611]} ولكنه ذكر هذا ، إذ{[13612]} له الخلق والأمر .
قال أبو عوسجة : السورة القطعة من كل شيء . يقول سورت الشيء ، أي قطعته .
وقال بعض العلماء إنما سمي القرآن لجماعة السور ، وسميت السورة ( لأنها ){[13613]} مقطوعة من الأخرى . فلما قرن بعضها إلى بعض سمي قرآنا كقوله : [ إن علينا جمعه وقرآنه[ أي تأليف بعضها إلى بعض ]فإذا قرأته فاتبع قرآنه[ ( القيامة 17 و 18 ) أي فإذا جمعناه ، وألفناه ، ]فاتبع قرآنه[ أي ما جمع فيه ، فاعمل به من أمر ونهي . ويقال : ليس لشعره قرآن أي نظم وتأليف . ويقال للمرآة : ما قرأت سلى قط ، أي لم تجمع في بطنها ولدا .
وقال بعضهم : سورة بلا همز أي المنزلة والرفعة ، وبالهمز سؤرة : البقية ، ومنه سمي سؤر الكلب وسؤر الهر وسؤر الطائر أي بقيته والقطعة منه .
ثم قرئت بالنصب{[13614]} سورة ]أنزلناها[ والرفع جميعا ]سورة( ، وهي القراءة الظاهرة .
فمن قرأها بالنصب أوقع الفعل عليها ، أي أنزلناها سورة . والفعل إذا وقع على شيء انتصب ، تقدم الفعل ، أو تأخر ، كقولك : زيدا ضربناه ، وضربنا زيدا ، قال بعضهم : إنما انتصب لإضمار فيه كأنه قال : اتبعوا سورة أنزلناها كقولك : ]ناقة الله وسقياها[ ( الشمس : 13 ) بالنصب ، أي احذروا ناقة الله .
ومن قرأ بالرفع رفع{[13615]} على الابتداء . فكل ما يُبتدأ به فهو رفع ، وقال بعضهم : رفع على{[13616]} إضمار : هذه سورة أنزلناها ، وذلك كله جائز في اللغة . والله أعلم .
وقوله تعالى : ]وفرضناها[ قرئ بالتخفيف ] وفرضناها [ وبالتشديد : وفرضناها . {[13617]}
قال الزجاج : قوله : وفرضناها بالتشديد يخرج على وجهين :
أحدهما : أي كثرنا فيها الفرائض والأحكام .
والثاني : فرضناها ، أي فصلنا فيها بين ما يؤتى و بين ما يتقى وبين ما ( أمر وبين ما ){[13618]} نهي .
وقال : وأما التخفيف ]وفرضناها[ فمعناه : ألزموا ما فيها من الفرائض وآدابها .
وقال القتبي : ]وفرضناها[ بالتخفيف أي بينا فيها الفرائض .
وقال أبو عوسجة : من قراها بالتخفيف ]وفرضناها[ أي أنزلنا فيها فرائض مختلفة ، ومن قرأ : فرضناها بالتشديد يقل : فرضناها عليكم وعلى من بعدكم على التكثير ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ]وأنزلنا فيها آيات بينات[ يحتمل قوله : ]آيات بينات[ أي حججا بينة ، يقصها ، ويعرفها كل أحد بالبديهة والتأمل ، أو أن يريد بالآيات الآيات التي جمع فيها أشياء ، وتتلى لأن الآية إنما تستحق اسم الآية إذا جمع فيها كلمات وحروف ، فأما كلمة واحدة وحرف واحد فلا تسمى بهذا الاسم ، أو أن يكون قوله : ]آيات بينات[ ما ذكر فيها ، وبين ما يؤتى ويتقى ، وبين ما يحل ويحرم . فلذلك كله مبين فيها ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ]لعلكم تذكرون[ أي تتعظون بما ذكر فيها من المواعظ ، وبين فيها ما يزجر عن المعاودة ، وهي الحدود التي ذكر فيها لأن سبب الاتعاظ أحد شيئين : المواعظ التي تدين القلوب والحدود التي تزجر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.