تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَآ إِنَّا نَسِينَٰكُمۡۖ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡخُلۡدِ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (14)

الآية 14 وقوله تعالى : { فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا } النسيان الذي ذكر منهم ليس هو نسيان غفلة وسهو ، لأنه لا كلفة تلزم في حال السهو والغفلة . ثم هو يخرج على وجهين :

أحدهما : تضييع وترك تصديق الرسل( {[16395]} ) بما أوعدوهم به وتكذيبهم ورد الحجج والآيات كذلك .

والثاني : { نسيتم } أي جعلتم ذلك كالمنسي [ لو كنتم( {[16396]} ) تكترثون بلقاء الله .

وكذلك يخرج قوله : { إنا نسيناكم } على وجهين :

أحدهما : أي جعلناكم كالمنسي من رحمته وفضله ، لا نكترث إليكم ، ولا نعبأ بكم كما جعلتم أنتم آياته وحججه وما دعوكم إليه كالمنسي ]( {[16397]} ) المتروك الذي لا يكترث إليه .

والثاني : { إنا نسيناكم } أي نجزيكم جزاء نسيانكم( {[16398]} ) وتضييعكم .

ويجوز تسمية الجزاء باسم أصله وأوله ، وإن لم يكن الثاني في الحقيقة سيئة ولا اعتداء . فعلى ذلك الأول ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون } أي ذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون ، وتعتقدون المذهب للخلود والأبد ، لأن كل ذي مذهب ودين إنما يعتقد المذهب ، ويختاره للأبد .

فعلى ذلك جعل تعذيبهم في النار للأبد .

وأما من يرتكب المآثم والزلات من المؤمنين فإنما يرتكب عند الشدة الحاجة وغلبة الشهوة وفي وقت ارتكابه لا للأبد . لذلك افترقا .


[16395]:من م، في الأصل: بها.
[16396]:في نسخة الحرم المكي: تكونوا.
[16397]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[16398]:أدرج بعدها في الأصل وم: وترككم أي نجعلكم كالمنسي من رحمته وفضله لا يكترث إليكم ولا يعبأ بكم كما جعلتم أنتم آياته وحججه وما دعوكم إليه كالمنسي المتروك الذي لا يكترث إليه والثاني.