تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (21)

الآية 21 [ وقوله تعالى ]( {[16422]} ) : { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر } اختلف في العذاب الأدنى : قال بعضهم : هو القتل يوم بدر ، ومنهم من يقول : هو الجوع في السنين التي كانت لهم فيها ، والضيق والشدة ، ومنهم من يقول : هو المصائب التي تصيبهم ، وأمثال ذلك كثيرة .

لكن ذلك العذاب ، ليس هو عذاب الكفر ، لأن عذاب الكفر في الآخرة أبدا دائما ، لا زوال ولا انقطاع . فأما عذاب الدنيا لهم [ فهو ]( {[16423]} ) عذاب عنادهم وما يكون منهم من الجنايات في حال كفرهم ، يعذبون في الدنيا ليذكرهم ذلك العذاب في الآخرة العذاب الدائم ليمنعهم ما( {[16424]} ) به يعذبون في الدنيا عن عذاب الآخرة .

وكذلك ما أعطى لهم من اللذات والنعيم في الدنيا ، وإن كان منقطعا ، ليذكرهم( {[16425]} ) ذلك النعيم وتلك اللذات لذات الآخرة ونعمها الدائمة . ولذلك رغب الله خلقه إلى طلب الآخرة ، وأخبر أن لهم فيها من اللذات كذا في غير آية من القرآن كقوله( {[16426]} ) : { وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين } الآية [ الزخرف : 71 ] ونحوه كثير . والعذاب الأكبر هو عذاب الآخرة ، وهو عذاب الكفر والتكذيب .

وقوله تعالى : { لعلهم يرجعون } لكي يلزمهم حجة الرجوع عما هم فيه من التكذيب لئلا يقولوا { إنا كنا عن هذا غافلين } [ الأعراف : 172 ] والله أعلم .


[16422]:ساقطة من الأصل وم.
[16423]:ساقطة من الأصل وم.
[16424]:في الأصل وم: عما.
[16425]:من م، في الأصل: ليذكر.
[16426]:في الأصل وم: حيث قال.