تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَوۡ أَنَّا كَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَنِ ٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُواْ مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٞ مِّنۡهُمۡۖ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِيتٗا} (66)

الآية66

وقوله تعالى : { ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قللا منهم } الآية قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : ( لو كانت فينا نزلت يا رسول الله لبدأت بنفسي وأهل بيتي ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذلك لفضل يقينك على يقين الناس وإيمانك على إيمان الناس " ) ( بنحوه السيوطي في الدر المنثور2/587 ) .

وعن الحسن( أنه ){[5899]}قال : ( " لما نزلت هذه الآية قال رجل من الأنصار : والله لو ( كانت فينا نزلت ){[5900]} لقتلنا أنفسنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " والذي نفس محمد بيده للإيمان أثبت في صدور الرجال من الجبال الرواسي " )( السيوطي في الدر المنثور2/578 ) .

قيل : { ولو أنا كتبنا عليهم } الآية هم( اليهود يعني بهم ){[5901]} العرب كما أمر أصحاب موسى عليه السلام ، وقيل : قال عمر رضي الله عنه ونفر عنه : ( والله لو فعل ربنا لفعلنا ، فالحمد لله الذي لم يجعل بنا ذلك ، فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم " للإيمان أثبت في قلوب المؤمنين من الجبال الرواسي " )( السيوطي في الدر المنثور2/587 ) .

ثم اختلف في قتل الأنفس ، قال بعضهم : هو أن يقتل كل نفسه ، وقال آخرون : هو أن يقتل بعض بعضا . وأما قتل كل نفسه فإنه لا يحتمل لوجهين :

أحدهما : وذلك أنه عبادة شديدة مما لا يحتمله أحد كقوله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها }( البقرة : 286 ) أخبر أنه لا يكلف( أحدا ){[5902]} ما لا طاقة له .

والثاني : أن فيه قطع النسل وحصول الخلق للإفناء خاصة ؛ وذلك مما لا حكمة في خلق الخلق للإفناء خاصة .

وقوله تعالى : { ما فعلوه إلا قليلا منهم } قيل : هو عبد الله بن مسعود وعمار وفلان وفلان رضي الله عنه ولا ندري أيصح أم لا ؟ ولو كان قوله تعالى : { أن اقتلوا أنفسكم } قتل بعض فذلك مما أمروا به بمجاهدة العدو والإخراج من المنزل والهجرة . ثم أخبر أنهم لا يفعلون ذلك{ إلا قليل منهم } .

وقوله تعالى : { ولو أنهم فعلوا ما يعظون به لكان خيرا } يحتمل وجهين :

( أحدهما : ){[5903]} لو فعلوا ما يؤمرون به من الإسلام والطاعة{ لكان خيرا لهم } ذلك .

والثاني{[5904]} : يحتمل لو{ أنهم فعلوا ما } يؤمرون به من القتل ، لو كتب عليهم { لكان خيرا لهم } في الآخرة{ وأشد تثبيتا } قيل : حقيقة ، وقيل : تحقيقا في الدنيا ، وقيل : { ما يوعظون به } من القرآن{ لكان خرا لهم } في دينهم{ وأشد تثبيتا } يعني تصديقا بأمر الله .


[5899]:ساقطة من الأصل وم.
[5900]:من م، في الأصل: لو كنت علينا.
[5901]:في الأصل وم: يهود لعنا به.
[5902]:ساقطة من الأصل وم.
[5903]:ساقطة من الأصل وم..
[5904]:في الأصل وم:و.