وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم } قيل : خذوا عدتكم من السلاح . وقيل : { خذوا حدركم } من جميع ما يحترس( من العدو ){[5922]} كقوله سبحانه وتعالى : { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } الآية ( الأنفال : 60 ) وقوله تعالى : { ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة } ( التوبة : 46 ) أمر الله عز وجل بالاستعداد {[5923]} للعدو ، وهو الإعداد له ؛ إذ يوكل الأمر في ذلك إلى الله دو الإعداد للعدو قبل لقائه ، وإن كان يقدر ( على ) {[5924]} نصر أوليائه وقهر عدوه من غير الأمر بالقتال معهم ؛ إذ في ذلك محنة امتحنهم بها .
فعلى ذلك أمرهم بالإعداد للعدو وأخذ الحذر ( منهم . وتلك ){[5925]} أسباب تعد قبل لقائهم إياه .
وفيه دلالة تعلم آداب الحرب قبل لقاء العدو ليحترس منه . وفيه دلالة إباحة الكسب لأنه فرض عليهم الجهاد ، وأمر بالإعداد له ليحترس من العدو ؛ ولا يوصل إلى ذلك إلا بالكسب ، والله أعلم .
وفي قوله تعالى أيضا : { يا أهيا الذين آمنوا خذوا حذركم } أي تحذرون به عدوكم . وما تحذرونه ( في وجوه ) : منها الأسلحة ، ومنها البنيان ، ومنها النكار عند الالتقاء ، وذكر الله عز وجل كما قال : { فاثبتوا واذكروا الله كثيرا }( الأنفال : 45 ) . وفي هذا أمر بالإعداد للعدو قبل اللقاء . وأيد ذلك قوله عز وجل : { ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة }( التوبة : 46 ) ، وكذلك قوله تعالى : { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } ( الأنفال : 60 ) فيكون الأمر بالإعداد قبل وقت الحاجة دليل جواز الكسب لحاجات تجددت . والاستعداد للحاجات ليس برغبة في الدنيا ؛ إذ لم يكن ( في ) {[5926]} الإعداد فشل ولا ترك التوكل . على أن الجوع وحاجات النفس تعين( على تلقي ) {[5927]} العدو ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وقوله تعالى : { فانفروا ثبات أو انفروا جميعا } قيل : الثبات هو السرايا{ أو انفروا جميعا } يعني عسكرا . وقيل{ ثبات } يعني فرقا { أو انفروا جميعا } جميعا{[5928]} . وقيل : { فانفروا ثبات } أي عصبا{ أو انفروا جميعا } . وعن ابن عباس رضي الله عنه ( أنه ){[5929]} قال : ، ( زلفا ) . وقيل : الثبات والتثبية في كلام العرب الجمع الكثير ، ومعناه : انفروا كثيرا أو قليلا . وفي ذلك دلالة بالخروج إلى العدو فرادى وجماعات{[5930]} وفرقا وجماعات{[5931]} ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { فانفروا ثبات } أي إذا استنفرتم فانفروا كذلك{[5932]} . وقوله تعالى : { فانفروا ثبات و انفروا جميعا } معلوم أن عليهم الدفع . فيحتمل أن يكون قوله تعالى : { فانفروا } إذا أوذوا ، أي على ما استنفرتم مكن جميع أو بعض . فيكون في ذلك دلالة قيام البعض عن الكل على غير الإشارة إلى ذلك .
وقد يجب فرض في المجهول : على كل : القيام حتى تعلم الكفاية{[5933]} بمن خرج . وهذا كفرائض{[5934]} لا تعرف بعينها ، أو حرمات تظهر ، لا تعرف المحرم بعينه . فعلى ذلك من ( أحرم فعليه ){[5935]} الإيفاء والقيام بجميع{[5936]} الفرائض ليخرج ما{[5937]}عليه .
ثم أذا غلب عليهم في التدبر الكفاية بمن خرج ، سقط عن الباقين . ولو لم يكن يسقط لم يكن للإمام استنفار البعض . يدل على ذلك ( قوله تعالى ){[5938]} : { فلولا نفر من كل فرقة } الآية ( التوبة : 122 ) وقوله تعالى : { قاتلوا الذين يلونكم من الكفار }( التبوة : 123 ) .
وأصله أنه فرض لعلة ى يجوز نفاذه ، وقد زالت العلة . على أن خروج الجميع من جهة ابتداء العورة من جهات . فلذلك لم يحتمل تكليفه خروج{[5939]} الجميع من جهة استنفر منها ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.