تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذۡرَكُمۡ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُواْ جَمِيعٗا} (71)

الآية 71

وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم } قيل : خذوا عدتكم من السلاح . وقيل : { خذوا حدركم } من جميع ما يحترس( من العدو ){[5922]} كقوله سبحانه وتعالى : { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } الآية ( الأنفال : 60 ) وقوله تعالى : { ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة } ( التوبة : 46 ) أمر الله عز وجل بالاستعداد {[5923]} للعدو ، وهو الإعداد له ؛ إذ يوكل الأمر في ذلك إلى الله دو الإعداد للعدو قبل لقائه ، وإن كان يقدر ( على ) {[5924]} نصر أوليائه وقهر عدوه من غير الأمر بالقتال معهم ؛ إذ في ذلك محنة امتحنهم بها .

فعلى ذلك أمرهم بالإعداد للعدو وأخذ الحذر ( منهم . وتلك ){[5925]} أسباب تعد قبل لقائهم إياه .

وفيه دلالة تعلم آداب الحرب قبل لقاء العدو ليحترس منه . وفيه دلالة إباحة الكسب لأنه فرض عليهم الجهاد ، وأمر بالإعداد له ليحترس من العدو ؛ ولا يوصل إلى ذلك إلا بالكسب ، والله أعلم .

وفي قوله تعالى أيضا : { يا أهيا الذين آمنوا خذوا حذركم } أي تحذرون به عدوكم . وما تحذرونه ( في وجوه ) : منها الأسلحة ، ومنها البنيان ، ومنها النكار عند الالتقاء ، وذكر الله عز وجل كما قال : { فاثبتوا واذكروا الله كثيرا }( الأنفال : 45 ) . وفي هذا أمر بالإعداد للعدو قبل اللقاء . وأيد ذلك قوله عز وجل : { ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة }( التوبة : 46 ) ، وكذلك قوله تعالى : { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } ( الأنفال : 60 ) فيكون الأمر بالإعداد قبل وقت الحاجة دليل جواز الكسب لحاجات تجددت . والاستعداد للحاجات ليس برغبة في الدنيا ؛ إذ لم يكن ( في ) {[5926]} الإعداد فشل ولا ترك التوكل . على أن الجوع وحاجات النفس تعين( على تلقي ) {[5927]} العدو ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وقوله تعالى : { فانفروا ثبات أو انفروا جميعا } قيل : الثبات هو السرايا{ أو انفروا جميعا } يعني عسكرا . وقيل{ ثبات } يعني فرقا { أو انفروا جميعا } جميعا{[5928]} . وقيل : { فانفروا ثبات } أي عصبا{ أو انفروا جميعا } . وعن ابن عباس رضي الله عنه ( أنه ){[5929]} قال : ، ( زلفا ) . وقيل : الثبات والتثبية في كلام العرب الجمع الكثير ، ومعناه : انفروا كثيرا أو قليلا . وفي ذلك دلالة بالخروج إلى العدو فرادى وجماعات{[5930]} وفرقا وجماعات{[5931]} ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فانفروا ثبات } أي إذا استنفرتم فانفروا كذلك{[5932]} . وقوله تعالى : { فانفروا ثبات و انفروا جميعا } معلوم أن عليهم الدفع . فيحتمل أن يكون قوله تعالى : { فانفروا } إذا أوذوا ، أي على ما استنفرتم مكن جميع أو بعض . فيكون في ذلك دلالة قيام البعض عن الكل على غير الإشارة إلى ذلك .

وقد يجب فرض في المجهول : على كل : القيام حتى تعلم الكفاية{[5933]} بمن خرج . وهذا كفرائض{[5934]} لا تعرف بعينها ، أو حرمات تظهر ، لا تعرف المحرم بعينه . فعلى ذلك من ( أحرم فعليه ){[5935]} الإيفاء والقيام بجميع{[5936]} الفرائض ليخرج ما{[5937]}عليه .

ثم أذا غلب عليهم في التدبر الكفاية بمن خرج ، سقط عن الباقين . ولو لم يكن يسقط لم يكن للإمام استنفار البعض . يدل على ذلك ( قوله تعالى ){[5938]} : { فلولا نفر من كل فرقة } الآية ( التوبة : 122 ) وقوله تعالى : { قاتلوا الذين يلونكم من الكفار }( التبوة : 123 ) .

وأصله أنه فرض لعلة ى يجوز نفاذه ، وقد زالت العلة . على أن خروج الجميع من جهة ابتداء العورة من جهات . فلذلك لم يحتمل تكليفه خروج{[5939]} الجميع من جهة استنفر منها ، والله أعلم .


[5922]:في الأصل وم: منه العدو.
[5923]:في الأصل وم: بالاعتداد.
[5924]:ساقطة من الأصل وم.
[5925]:في الأصل وم: لهم وذلك.
[5926]:في الأصل وم: وجوه.
[5927]:في الأصل وم: وتلقى.
[5928]:في الأصل وم: مجموعا
[5929]:. ساقطة من الأصل وم.
[5930]:في الأصل وم:وجماعة
[5931]:في الأصل وم:وجماعة
[5932]:. في الأصل وم:ذلك.
[5933]:. من م. في الأصل الكتابة
[5934]:. أدرج بعدها في الأصل وم: تعرف.
[5935]:في الأصل وم: حرم عليه
[5936]:. من م، في الأصل:الجميع
[5937]:. في الأصل وم: عما
[5938]:. ساقطة من الأصل وم
[5939]:. في الأل وم: لخروج