تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ وَعِندَنَا كِتَٰبٌ حَفِيظُۢ} (4)

الآية 4 وقوله تعالى : { قد علمنا ما تنقص الأرض منهم } ظاهر هذا أن يكون هذا قول أولئك الكفرة ؛ قالوا ذلك على سبيل الاحتجاج لما أنكروا من البعث ، أي قد علمنا ما تنقص الأرض من لحومنا ، وتأكل من أنفسنا ، فأنّى يُحيِي بعد ذلك ، وهو كقولهم : { من يُحي العظام وهي رميم } [ يس : 78 ] ونحوه .

لكن أهل التأويل بأجمعهم صرفوا هذا القول إلى الله تعالى أنه قال ذلك جوابا لقولهم : { أإذا متنا وكنا ترابا ذلك رجعٌ بعيد } فقال : { قد علمنا ما تنقص الأرض منهم } أي عن علم منا بما أكل منكم ، وينقصُ ، قلنا : إنكم تُبعثون ، وتُحيوَن ، على علم منا ، بذلك أخبركم الرسل بالإحياء والبعث بعد الموت والله أعلم .

وقوله تعالى : { وعندنا كتاب حفيظ } أي عندنا كتاب يحفظ أحوالهم وأفعالهم وجميع ما يكون منهم .

وقال بعضهم : أي مع علمي فيهم ، هم عندا في كتاب حفيظ .

وقال قتادة : ما أكلت الأرض منهم ، وكانوا ترابا ، ونحن عالمون ، وهم مع علمنا في كتاب حفيظ ، وهو مثل الأول .