تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجۡوَىٰ ثَلَٰثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمۡ وَلَا خَمۡسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمۡ وَلَآ أَدۡنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمۡ أَيۡنَ مَا كَانُواْۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ} (7)

الآية 7 : وقوله تعالى : { ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم } فإن كان هذا الخطاب/557 أ/ لرسول الله فيكون فيه وجهان :

أحدهما : {[20823]} دلالة رسالته ، إذ أطلعه على ما أسروا في ما بينهم من المكر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وتناجوا بينهم من الكيد والخداع ؛ أطلع الله رسوله صلى الله عليه وسلم ( ليعلم أنه بالله تعالى علم ذلك ) {[20824]} .

والثاني{[20825]} : بشارة له بالنصر والمعونة ، وهو كقوله تعالى لموسى وهارون عليهم الصلاة والسلام : { قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى } { طه : 46 } أي أسمع ما يقول لكما ، وما يحب { وأرى ماذا } {[20826]} قصد بكما ، وادفع عنكما ما قصد بكما ، فعلى ذلك ما ذكر له : { ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم } فيطلعك على ما هموا بك ، وأسروا فيك ، فينصرك ويدفع عنك كيدهم .

وجائز أن يكون الخطاب ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ، ولكن لكل في نفسه فيصير كأنه قال : ألم تر إلى عجائب ما أنشأ من السماوات والأرض قبل إنشاء أهلهما ؟ فإذا رأيت عجائب ما أنشأ من السماوات والأرض وأهلهما ، وعلمت ذلك ، فاعلم أنه بما يكون من نجواهم في ما ذكر عالم ، فيخرج على التنبيه والزجر عن الإسرار والنجوى .

ثم قوله تعالى : { إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم } ونحوه ، يجب أن ينظر إلى المقدم من الكلام ، فيصرف قوله : { هو معهم } إلى ذلك نحو قوله : { إن الله مع الذين اتقوا } { النحل : 128 } وقوله{[20827]} : { وإن الله لمع المحسنين } { العنكبوت : 69 } ونحوه يكون معهم في التوفيق والمعونة والنصر .

فعلى ذلك ما ذكر من قوله : { هو معهم } في النجوى وما أسروا في ما بينهم ، أي شاهد معهم حافظ عليهم ، يدفع عنكم كيدهم ومكرهم ، وينصركم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم } أي ينبئهم بما عملوا ، وأسروا من الكيد يوم القيامة .


[20823]:ساقطة من الأصل وم
[20824]:من م، ساقطة من الأصل
[20825]:من م، في الأصل: والثالث
[20826]:في الأصل وم: إذا رأى إذا
[20827]:في الأصل وم: و