تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{كَمَثَلِ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ قَرِيبٗاۖ ذَاقُواْ وَبَالَ أَمۡرِهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (15)

الآية 15 وقوله تعالى : { كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم } الآية . يجوز أن يكون في هذا إضمار مثل آخر ؛ كأنه يقول : مثل هؤلاء الكفار { كمثل الذين } كانوا { من قبلهم } وكذلك في قوله : { ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينفق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء } [ البقرة : 171 ] . يعني مثل محمد صلى الله عليه وسلم كمثل هؤلاء الكفار على إضمار مثل آخر .

ثم التمثيل وكيفيته يحتمل أوجها ثلاثة :

أحدها : أن يقول : مثل هؤلاء الكفار الذين أساؤوا [ صحبة ]{[20959]} رسوله كمثل الكفار الذين أساؤوا [ صحبة ]{[20960]} الرسول من قبله ؛ كان قريبا أن ذاقوا وبال أمرهم .

والوجه الثاني : أن يقول : مثل أهل المدينة من الكفار حين هموا بإخراج الرسول من المدينة كمثل أهل مكة حين أخرجوا الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة ، وكان قريبا حين ذاقوا وبال أمرهم من الأسر والقتل .

والدليل على أن كفار المدينة هموا بإخراج الرسول صلى الله عليه وسلم قوله{[20961]} تعالى : { وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها } الآية [ الإسراء : 76 ] .

[ والوجه الثالث : ]{[20962]} يحتمل أن يكون تخصيصا لقرية أو قبيلة ؛ ووجه ذلك أن يقول : مثل بني قريظة كمثل الذين من قبلهم ، وهو بنو{[20963]} النضير ، وإن كانوا قريبا أن ذاقوا وبال أمرهم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ولهم عذاب أليم } هذا إخبار أنهم يموتون على الكفر ، وفيه دلالة رسالته صلى الله عليه وسلم حين{[20964]} أخبر عن الغيب .


[20959]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل و م.
[20960]:ساقطة من الأصل و م.
[20961]:من م، في الأصل: وقوله.
[20962]:في الأصل و م: و.
[20963]:في الأصل و م: بني.
[20964]:في الأصل و م: حيث.